للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ديناران ورطل حلوى ورطلان زيتا من زيت الزيتون، ومثل ذلك من الصابون، ويصرف له ثمن كسوة في كلّ سنة، وتوسعة في كل شهر رمضان، وفي العيدين، وفي مواسم رجب وشعبان وعاشوراء، وكلما قدمت فاكهة يصرف له مبلغ لشرائها، وبالخانقاه خزانة بها السكّر والأشربة والأدوية، وبها الطبائعيّ والجرائحيّ والكحال ومصلح الشعر، وفي كلّ رمضان يفرّق على الصوفية كيزان لشرب الماء، وتبيّض لهم قدورهم النحاس، ويعطون حتى الأسنان «١» لغسل الأيدي من وضر اللحم، يصرف ذلك من الوقف لكل منهم، وبالحمّام الحلاق لتدليك أبدانهم وحلق رؤوسهم، فكان المنقطع بها لا يحتاج إلى شيء غيرها ويتفرّغ للعبادة، ثم استجدّ بعد سنة تسعين وسبعمائة بها حمّام أخرى برسم النساء، وما برحت على ما ذكرنا إلى أن كانت المحن من سنة ست وثمانمائة، فبطل الطعام وصار يصرف لهم في ثمنه مبلغ من نقد مصر، وهي الآن على ذلك، وأدركت من صوفيتها شخصا شيخا يعرف بأبي طاهر، ينام أربعين يوما بلياليها لا يستيقظ فيها البتة، ثم يستيقظ أربعين يوما لا ينام في ليلها ولا نهارها، أقام على ذلك عدّة أعوام، وخبره مشهور عند أهل الخانقاه، وأخبرني أنه لم يكن في النوم إلّا كغيره من الناس، ثم كثر نومه حتى بلغ ما تقدّم ذكره، ومات بهذه الخانقاه في نحو سنة ثمانمائة، ومما قيل في الخانقاه وما أنشأه السلطان بها:

سر نحو سرياقوس وانزل بفنا ... أرجاءها يا ذا النّهي والرشد

تلق محلا للسرور والهنا ... فيه مقام للتقي والزهد

نسيمه يقول في مسيره ... تنبهي يا عذبات الرند»

وروضه الريان من خليجه ... يقول دع ذكر أراضي نجد

[خانقاه أرسلان]

هذه الخانقاه فيما بين القاهرة ومصر من جملة أراضي منشأة المهرانيّ، أنشأها الأمير بهاء الدين أرسلان الدوادار.

أرسلان: الأمير بهاء الدين الدوادار الناصريّ، كان أوّلا عند الأمير سلار أيام نيابته مصر، خصيصا به حظيا عنده. فلما قدم الملك الناصر محمد بن قلاون من الكرك بعساكر الشام، ونزل بالريدانية ظاهر القاهرة في شهر رمضان سنة تسع وسبعمائة، أطلع أرسلان على أن جماعة قد اتفقوا على أن يهجموا على السلطان ويفتكوا به يوم العيد، أوّل شوّال، فجاء إليه وعرّفه الحال وقال له: اخرج الساعة واطلع القلعة واملكها. فقام السلطان وفتح باب سر الدهليز وخرج من غير الباب، وصعد قلعة الجبل وجلس على سرير الملك، فرعى

<<  <  ج: ص:  >  >>