زمان شاروح بن راغو بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح، وإن سنيّ الدنيا صارت إلى زمان شاروح، ألفين وتسعمائة وخمس سنين يكون ذلك بعد الطوفان بستمائة وثلاث وستين سنة، وبها كانت فرهة الخيل، والبغال والحمير، وكان يعمل بها فرش القرمز الذي يشبه الأرمني.
وكان ينزل بأرض الأشمونين عدّة بطون من بني جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، وكانوا بادية أصحاب شوكة، وكان معهم بنو مسلمة بن عبد الملك بن مروان خلفاء لهم، ومعهم بطن آخر يقال لهم: إنّ أباهم كان مولى لعبد الملك بن مروان، ويزعمون أنهم من بني أمية صلبية، وكان معهم أيضا حلفاء لهم بنو خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان ينزلون، أرض دلجة عند أشمون.
[ذكر مدينة إخميم]
ضبطها البكري «١» : بكسر الهمزة، وإسكان الخاء، ثم ميم وياء وميم على بناء إفعيل، وهي في الجانب الشرقيّ من النيل، والذي بناها مناقيوش أحد ملوك القبط الأول.
قال ابن وصيف شاه: كان جلدا محتكما، فاستأنف العمارة وبنى القرى، ونصب الأعلام، وجمع الحكم، ومصاحف الملوك والحكماء، وعمل العجائب، وبنى لنفسه مدينة انفرد بها، وعمل عليها حصنا، ونصب عليه أربعة أعلام في كل ركن من أركانه علم، وبين تلك الأعلام ثمانون صنما من نحاس، وأخلاط في أيديهما السلاح، وزبر على صدرها آياتها.
وكان بمنف رجل من أولاد الكهنة من أعلم الناس بالسحر، وأبصرهم بأخذ التماسيح والسباع، وكان يعلم الغلمان السحر، فإذا حذقوا علّم غيرهم، فأمر الملك أن يبني له مدينة، ويحوّل إليها وهي إخميم، فملكهم مناقيوش نيفا وأربعين سنة ومات، فدفن في الهرم المحاذي لأطفيح، ومعه شيء كثير من المال والجوهر والآنية والتماثيل، وزبر عليه اسمه، والوقت الذي هلك فيه، قال: وذكر أهل إخميم: أنّ رجلا أتى من الشرق وكان يلزم البربا، ويأتي إليه كل يوم ببخور، وخلوق فيبخر، ويطيب صورة في عضادة الباب، فيجد تحتها دينارا، فيأخذه، وينصرف ففعل ذلك مدّة حتى وشى به غلام له إلى عامل البلد، فقبض عليه، فبذل مالا وخرج عن البلد.
وكانت بربا إخميم من أعجب البرابي، وأعظمها قد بنيت لخزن برّهم فإنهم قضوا على أهل مصر بالطوفان قبل وقته بقرائن، لكنهم اختلفوا فيه، فقال بعضهم: تكون نار