للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تزرع هذه الأراضي فتذكّر بحسنها ونضارتها جنة الخلد التي وعد المتقون. وأدركت بهذه الأرض بقايا نخل وأشجار وقد تلفت.

[ذكر ضواحي القاهرة]

قال ابن سيده: ضواحي كل شيء نواحيه البارزة للشمس، والضواحي من النخيل ما كان خارج السور على صفة عالية لأنها تضحى للشمس. وفي كتاب النبيّ صلى الله عليه وسلم لأهل بدر:

«لكم الصامتة من النخل ولنا الضاحية من البعل» يعني بالصامتة: ما أطاف به سور المدينة، وضواحي الروم ما ظهر من بلادهم وبرز. ويقال في زماننا لما خرج عن القاهرة مما هو في جنبتي الخليج من القرى ضواحي القاهرة، وقد عرفت أصل ذلك من اللغة، وتعرف البلاد التي من الضواحي في غربيّ الخليج من القرى ضواحي القاهرة، وقد عرفت أصل ذلك من اللغة، وتعرف البلاد التي من الضواحي في غربيّ الخليج بالحبس الجيوشيّ، وهي: بهتين، والأميرية، والمنية. وكان أيضا بناحية الجيزة من جملة الحبس الجيوشيّ ناحية سفط ونهيا ووسيم، حبس هذه البلاد أمير الجيوش بدر الجماليّ على عقبه. فلما زالت الدولة الفاطمية جعل السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب أمر الأسطول لأخيه الملك العادل أبي بكر بن أيوب، وسلّمه له في سنة سبع وثمانين وخمسمائة، وأفرد لديوان الأسطول من الأبواب الديوانية الزكاة التي كانت تجبى من الناس بمصر، والحبس الجيوشي بالبرّين والنطرون والخراج، وما معه من ثمن القرظ، وساحل السنط، والمراكب الديوانية، وأشنأ وطنتدي وأحيل ورثة أمير الجيوش على غير الحبس الذي لهم، ثم أفتى الفقهاء ببطلان الحبس، وقبضت النواحي وصارت من جملة أموال الخراج، فعرفت ببلاد الملك، وهذه الضواحي الآن منها ما هو وقف ومنها ما هو في الديوان السلطانيّ، وخراجها يتميز على غيرها من النواحي، ويزرع أكثرها من الكتان والمقاثي وغيرها.

[ذكر منية الأمراء]

قال ياقوت في كتاب المشترك: المنية ثلاثة وأربعون موضعا، وجميعها بمصر غير واحدة، وبمصر من القرى المسماة بهذا الاسم ما يقارب المائتين. قال: ومنية الشيرج، ويقال لها منية الأمير ومنية الأمراء، بليدة فيها أسواق على فرسخ من القاهرة في طريق الإسكندرية. وذكر الشريف محمد بن أسعد الجوانيّ النسابة: أن قتلى أهل الشام الذين قتلوا في وقعة الخندق، بين مروان بن الحكم وعبد الرحمن بن جحدم أمير مصر، في سنة خمس وستين من الهجرة، دفنوا حيث موضع منية الشيرج هذه، وكانوا نحوا من الثمانمائة.

وقال ابن عبد الظاهر: منية الأمراء من الحبس الجيوشيّ الشرقيّ الذي كان حبسه أمير الجيوش، ثم ارتجع. وفي كل سنة يأكل البحر منها جانبا، ويجدّد جامعها ودورها حتى

<<  <  ج: ص:  >  >>