الصوت بعينه، فقلت لها: على رسلك حتى نقضي نحن أيضا من حقك ما يجب علينا، وقمت إلى الخزانة وأخذت الحق الذي فيه الجوهر، ثم جئت إليها وقلت لها افتحي فاك، ففتحته، وحشوته جوهرا وقلت لها إنّ لك علينا في كلّ سنة في مثل هذا اليوم مثل ذلك.
[مسجد توبة]
هو ابن ميسرة الكتاميّ، مغني المستنصر، كان في شرقيّ الأقهوب، وقبالته تربة تنسب إلى الطبالة صاحبة أرض الطبالة، وكلاهما في القرافة الكبرى.
[مسجد دري]
هذا المسجد كان في القرافة الكبرى في رحبة الأقهوب، بناه شهاب الدولة دري، غلام المظفر أخي الأفضل ابن أمير الجيوش، في سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة، وكان أرمنيا فأسلم وصار من المتشدّدين في مذهب الإمامية، وقرأ الجمل للزجاجيّ في النحو، واللمع لابن جني، وكانت له خرائط من القطن الأبيض يلبسها في يديه ورجليه، وكان يتولى خزائن الكسوات، ولا يدخل على بسط السلاطين ولا على بسط الخليفة الحافظ لدين الله، ولا يدخل مجلسه إلّا بالخرائط في رجليه، ولا يأخذ من أحد رقعة إلّا وفي يده خريطة، يظنّ أنّ من لمسه نجسه، وسوسة منه. فإن اتفق أنه صافح أحدا، أو أمسك رقعة بيده من غير خريطة، لا يمس ثوبه ولا بدنه حتى يغسلها، فإن مس ثوبه غسل الثوب. وكان الأستاذون يعبثون به ويرمون في بساط الخليفة الحافظ العنب، فإذا مشى عليه وانفجر ووصل ماؤه إلى رجليه سبهم وحرد، فيضحك الخليفة ولا يؤاخذه، وعمل مرّة الوزير رضوان بن ولخشيّ دواة حليتها ألف دينار مرصعة، فدخل عليه شهاب الدولة دري الصغير هذا، وقد أحضرت الدواة المذكورة، فقال له: يا مولانا أحسن من مداد هذه الدواة ووقع على هذه، فيكون ذلك زكاتها إذ لله فيه رضى ولنبيه، وناوله رقعة الشريف القاضي سنا الملك أسعد الجوّانيّ النحويّ، يطلب فيها راتبا لابنه الشريف أبي عبد الله محمد في الشهر ثلاثة دنانير، فوقع عليها. فلما كان في الليل رأى في نومه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه وهو يقول: جزاك الله خيرا على فعلك اليوم.
[مسجد ست غزال]
هذا المسجد كان في القرافة الكبرى بجوار تربة النعمان، بنته ست غزال في سنة ست وثلاثين وخمسمائة، وكانت غزال هذه صاحبة دواة الخليفة، لا تعرف شيئا إلّا أحكام الدوى والليق «١» ومسح الأقلام والدواة، وكان برسم خدمتها الأستاذ مأمون الدولة الطويل.