سبع وثلاثين وسبعمائة، فاشتراه السلطان الملك الناصر محمد بن قلاون بمائتي ألف درهم فضة، ثمنها يومئذ نحو أربعة آلاف مثقال ذهبا، وخلع على الخواجا تشريفا كاملا بحياصة ذهب، وكتب له توقيعا بمسامحة مائة ألف درهم من متجره، فلم يعبأ به السلطان، وصار في أيامه من جملة الجمدارية، وحكي عن القاضي شرف الدين عبد الوهاب ناظر الخاص أنّ السلطان أنعم على صرغتمس هذا بعشر طاقات أديم طائفيّ، فلما جاء إلى النشو تردّد إليه مرارا حتى دفعها إليه، ولم يزل خامل الذكر إلى أن كانت أيام المظفر حاجي بن محمد بن قلاون، فبعثه مسفرا مع الأمير فخر الدين إياز السلاح دار لما استقرّ في نيابة حلب، فلما عاد من حلب ترقى في الخدمة وتمكن عند المظفر وتوجه في خدمة الصالح بن محمد بن قلاون إلى دمشق في نوبة يلبغاروس، وصار السلطان يرجع إلى رأيه، فلما عاد من دمشق أمسك الوزير علم الدين عبد الله بن زنبور بغير أمر السلطان وأخذ أمواله، وعارض في أمره الأمير شيخو والأمير طاز، ومن حينئذ عظم ولم يزل حتى خلع السلطان الملك الصالح وأعيد الناصر حسن بن محمد بن قلاون، فلما أخرج الأمير شيخو انفرد صرغتمش بتدبير أمور المملكة وفخم قدره ونفذت كلمته، فعزل قضاة مصر والشام وغيّر النوّاب بالمماليك، والسلطان يحقد عليه إلى أن أمسكه في العشرين من شهر رمضان سنة تسع وخمسين، وقبض معه على الأمير طشتمر القاسميّ حاجب الحجاب، والأمير ملكتمر المحمديّ وجماعة وحملهم إلى الإسكندرية فسجنوا بها، وبها مات صرغتمش بعد شهرين واثني عشر يوما من سجنه في ذي الحجة سنة تسع وخمسين وسبعمائة. وكان مليح الصورة جميل الهيئة، يقرأ القرآن الكريم ويشارك في الفقه على مذهب الحنفية، ويبالغ في التعصب لمذهبه، ويقرّب العجم ويكرمهم ويجلهم إجلالا زائدا، ويشدو طرفا من النحو، وكانت أخلاقه شرسة ونفسه قوية، فإذا بحث في الفقه أو اللغة اشتط، ولما تحدّث في الأوقاف وفي البريد خاف الناس منه، فلم يكن أحد يركب خيل البريد إلّا بمرسومه، ومنع كل من يركب البريد أن يحمل معه قماشا ودراهم على خيل البريد، واشتدّ في أمر الأوقاف فعمرت في مباشرته، ولما قبض عليه أخذ السلطان أمواله وكانت شيئا كثيرا يكلّ عنه الوصف.
[ذكر المارستانات]
قال الجوهريّ في الصحاح: والمارستان بيت المرضى، معرّب عن ابن السكيت، وذكر الأستاذ إبراهيم بن وصيف شاه في كتاب أخبار مصر: أن الملك مناقيوش بن أشمون أحد ملوك القبط الأول بأرض مصر، أوّل من عمل البيمارستانات لعلاج المرضى، وأودعها العقاقير ورتب فيها الأطباء وأجرى عليهم ما يسعهم، ومناقيوش هذا هو الذي بنى مدينة أخميم، وبنى مدينة سنتريه. وقال زاهد العلماء أبو سعيد منصور بن عيسى: أوّل من اخترع المارستان وأوجده بقراط بن أبو قليدس، وذلك أنه عمل بالقرب من داره في موضع من بستان كان له، موضعا مفردا للمرضى، وجعل فيه خدما يقومون بمداواتهم وسماه