فقال لا يا بنيّ، بل صمت ثلاثة أيام من شهر رجب، وثلاثة أيام من شعبان، وثلاثة أيام من شهر رمضان، كنت أصوم الأربعاء والخميس والجمعة، ثم أدعو الله عليهما من صلاة العصر يوم الجمعة حتى أصلي المغرب، وبعد قتل زيد انتقض ملك بني أمية وتلاشى إلى أن أزالهم الله تعالى ببني العباس.
وهذا المشهد باق بين كيمان مدينة مصر يتبرّك الناس بزيارته ويقصدونه لا سيما في يوم عاشوراء، والعامّة تسميه زين العابدين، وهو وهم، وإنما زين العابدين أبوه، وليس قبره بمصر، بل قبره بالبقيع، ولما قتل الإمام زيد سوّدت الشيعة، أي لبست السواد، وكان أوّل من سوّد على زيد شيخ بني هاشم في وقته الفضل بن عبد الرحمن بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم، ورثاه بقصيدة طويلة، وشعره حجة احتج به سيبويه، توفي سنة تسع وعشرين ومائة.
[مشهد السيدة نفيسة]
قال الشريف النقيب النسابة شرف الدين أبو عليّ محمد بن أسعد بن عليّ بن معمر بن عمر الحسينيّ الجوانيّ المالكيّ في كتاب الروضة الأنيسة بفضل مشهد السيدة نفيسة رضي الله عنها: نفيسة ابنة الحسن بن زيد بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، أمّها أمّ ولد، وأخوتها القاسم ومحمد وعليّ وإبراهيم وزيد وعبيد الله ويحيى وإسماعيل وإسحاق وأمّ كلثوم، أولاد الحسن بن زيد بن الحسن بن عليّ، فأمّهم أمّ سلمة، واسمها زينب ابنة الحسن بن الحسن بن عليّ، وأمّها أمّ ولد تزوّج أمّ كلثوم أخت نفيسة، عبد الله بن عليّ بن عبد الله بن عباس رضي الله عنهم، ثم خلف عليها الحسن بن زيد بن عليّ بن الحسن بن عليّ. وأما عليّ وإبراهيم وزيد أخوة نفيسة من أبيها، فأمّهم أمّ ولد تدعى أمّ عبد الحميد، وأما عبيد الله بن الحسن بن زيد فأمّه الزائدة بنت بسطام بن عمير بن قيس الشيبانيّ، وأما إسماعيل وإسحاق فهما لأمي ولد، وكان إسماعيل من أهل الفضل والخير، صاحب صوم ونسك، وكان يصوم يوما ويفطر يوما. وأما يحيى بن زيد فله مشهد معروف بالمشاهد، يأتي ذكره إن شاء الله تعالى، وتزوّج بنفيسة رضي الله عنها إسحاق بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن عليّ زين العابدين بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، وكان يقال له إسحاق المؤتمن، وكان من أهل الصلاح والخير والفضل والدين، روي عنه الحديث، وكان ابن كاسب إذا حدّث عنه يقول: حدّثني الثقة الرضي إسحاق بن جعفر، وكان له عقب بمصر منهم بنو الرقي، وبحلب بنو زهرة. وولدت نفيسة من إسحاق ولدين هما القاسم وأمّ كلثوم لم يعقبا.
وأما جدّ نفيسة وهو زيد بن الحسن بن عليّ، فروي عن أبيه وعن جابر وابن عباس، وروى عنه ابنه، وكانت بينه وبين عبد الله بن محمد ابن الحنفية خصومة وفدا لأجلها على