وكان يقال لها في القديم: رعمساس، وكانت عين شمس، هيكلا يحج الناس إليه، ويقصدونه من أقطار الأرض في جملة ما كان يحج إليه من الهياكل التي كانت في قديم الدهر، ويقال: إنّ الصابئة أخذت هذه الهياكل عن عاد وثمود، ويزعمون أنه عن شيث بن آدم، وعن هرمس الأوّل، وهو إدريس، وإن إدريس هو أوّل من تكلم في الجواهر العلوية والحركات النجومية، وبنى الهياكل ومجد الله فيها.
ويقال: إنّ الهياكل كانت عدّتها في الزمن الغابر: اثني عشر هيكلا، وهي هيكل:
العلة الأولى، وهيكل: العقل، وهيكل: السياسة، وهيكل: الصورة، وهيكل: النفس؛ وكانت هذه الهياكل الخمسة مستديرات، والهيكل السادس هيكل: زحل، وهو مسدّس، وبعده هيكل: المشتري وهو مثلث، ثم هيكل: المرّيخ، وهو مربع، وهيكل: الشمس، وهو أيضا مربع، وهيكل: الزهرة، وهو مثلث مستطيل، وهيكل: عطارد مثلث في جوف مربع مستطيل، وهيكل: القمر مثمن.
وعللوا عبادتهم للهياكل بأن قالوا: لما كان صانع العالم مقدّسا عن صفات الحدوث، وجب العجز عن إدراك جلاله، وتعين أن يتقرّب إليه عباده بالمقرّبين لديه، وهم:
الروحانيون ليشفعوا لهم، ويكونوا وسائط لهم عنده، وعنوا بالروحانيين: الملائكة، وزعموا أنها المدبرات للكواكب السبعة السيارة في أفلاكها، وهي هياكلها وأنه لا بدّ لكل روحانيّ من هيكل، ولا بدّ لكل هيكل من فلك، وأن نسبة الروحانيّ، إلى الهيكل نسبة الروح إلى الجسد، وزعموا: أنه لا بدّ من رؤية المتوسط بين العباد، وبين بارئهم حتى يتوجه إليه العبد بنفسه، ويستفيد منه، ففزعوا إلى الهياكل التي هي السيارات، فعرفوا بيوتها من الفلك، وعرفوا مطالعها ومغاربها واتصالاتها، وما لها من الأيام والليالي، والساعات والأشخاص والصور والأقاليم، وغير ذلك مما هو معروف في موضعه من العلم الرياضي.
وسموا هذه السبعة السيارة: أربابا وآلهة، وسموا: الشمس إله الآلهة ورب الأرباب، وزعموا أنها المفيضة على ألسنة أنوارها، والمظهرة فيها آثارها، فكانوا يتقرّبون إلى الهياكل تقرّبا إلى الرّوحانيين لتقرّبهم إلى الباري، لزعمهم أن الهياكل أبدان الروحانيين، وكلّ من تقرّب إلى شخص، فقد تقرّب إلى روحه.
وكانوا: يصلون لكل كوكب يوما، يزعمون أنه رب ذلك اليوم، وكانت صلاتهم في ثلاثة أوقات: الأولى عند طلوع الشمس، والثانية عند استوائها في الفلك، والثالثة عند