للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الفرض والآلات والأواني والملبوس والطيب والطرائف وأنواع المآكل والمشارب ما بلغ فيه الغاية، وتفقدها بنفسه وطافها كلها، فقيل له عملت هذا كله لمحمد بن عليّ الماردانيّ؟

فقال: نعم، هذا ملك وأردت أن لا يحتقر بشيء لنا، ولا يحتاج أن يطلب حاجة إلّا وجدها، فإنه إن فقد عندنا شيئا مما يريده استدعى به من داره، فنسقط نحن من عينيه عند ذلك، فلم يزل معتقلا حتى خرج الإخشيد إلى لقاء أمير المؤمنين المتقي لله، فحمله معه، ولما مات الإخشيد بدمشق كان أبو بكر بمصر، فقام بأمر أونوجور بن الإخشيد وقبض على محمد بن مقاتل وزير الإخشيد، وأمر ونهى وصرّف الأور إلى أن كانت واقعة غلبون واتصال أبي بكر به، فلما عادت الإخشيدية قبض على أبي بكر ونهبت دوره وأحرق بعضها وأخذ ابنه، وقام أبو الفضل جعفر بن الفضل بن الفرات بأمر الوزارة، فعند ما قدم كافور الإخشيدي من الشام بالعساكر التي كانت مع الإخشيد أطلق أبا بكر وأكرمه وردّ ضياعه وضياع ابنه، فلما ماتت أمّ ولده لحقه كافور ومعه الأمير أونوجور عند المقابر وترجلا له وعزياه، ثم ركبا معه حتى صليا عليها، فلما مرض مرض موته، عاده كافور مرارا إلى أن مات في شهر شوال سنة خمس وأربعين وثلاثمائة، فدفن بداره. ثم نقل إلى المقابر، وكانت فضائله جمة منها:

أنه أقام أربعين سنة يصوم الدهر كله، ويركب كل يوم إلى المقابر بكرة وعشية، فيقف له الموكب حتى يمضي إلى تربة أولاده وأهله فيقرأ عندهم ويدعو لهم، وينصرف إلى المساجد في الصحراء فيصلى بها والناس وقوف له، إلّا أنه كان في غاية العجلة لا يراجع فيما يريده ولو كان ما كان، ولما أراد المقتدر أن يقيم وزيرا كتبت رقعة فيها أسماء جماعة، وأنفذت إلى عليّ بن عيسى ليشير بواحد منهم، وكان أبو بكر ممن كتب معهم اسمه، فكتب تحت كل اسم واحد منهم ما يستحقه من الوصف، وكتب تحت اسم أبي بكر محمد بن عليّ الماردانيّ: مترف عجول، وبنى أبو بكر السقايات والمساجد في المغافر وفي يحصب وبني وائل، وليس لشيء منها اليوم أثر يعرف، ومرّت به في هذا الكتاب أخبار، وقد أفرد له ابن زولاق سيرة كبيرة، وهذا منها والله أعلم.

[ذكر بساتين الوزير]

هذه البساتين في الجهة القبلية من بركة الحبش، وهي قرية فيها عدّة مساكن وبساتين كثيرة، وبها جامع تقام فيه الجمعة، وعرفت بالوزير أبي الفرج محمد بن جعفر بن محمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن محمد المغربيّ، وبنو المغربيّ أصلهم من البصرة، وصاروا إلى بغداد، وكان أبو الحسن عليّ بن محمد تخلف على ديوان المغرب ببغداد، فنسب به إلى المغرب، وولد ابنه الحسين بن عليّ ببغداد فتقلد أعمالا كثيرة منها: تدبير محمد بن ياقوت عند استيلائه على أمر الدولة ببغداد، وكان خال ولده عليّ، وهو أبو عليّ هارون بن عبد العزيز الأوراجيّ، الذي مدحه أبو الطيب المتنبي من أصحاب أبي بكر محمد بن رائق، فلما لحق ابن رائق ما لحقه بالموصل، صار الحسين بن عليّ بن المغربي

<<  <  ج: ص:  >  >>