إلى الشام، ولقي الإخشيد وأقام عنده وصار ابنه أبو الحسن عليّ بن الحسين ببغداد، فأنفذ الإخشيد غلامه فاتك المجنون فحمله ومن يليه إلى مصر، ثم خرج ابن المغربيّ من مصر إلى حلب ولحق به سائر أهله ونزلوا عند سيف الدولة أبي الحسن عليّ بن عبد الله بن حمدان مدّة حياته، وتخصص به الحسين بن عليّ بن محمد المغربيّ، ومدحه أبو نصر بن نباتة، وتخصص أيضا عليّ بن الحسين بسعد الدولة بن حمدان، ومدحه أبو العباس النامي، ثم شجر بينه وبين ابن حمدان ففارقه وصار إلى بكجور بالرقة، فحسن له مكاتبة العزيز بالله نزار والتحيز إليه، فلما وردت على العزيز مكاتبة بكجور قبله واستدعاه، وخرج من الرقة يريد دمشق، فوافاه عبد العزيز بولاية دمشق وخلفه فتسلمها وخرج لمحاربة ابن حمدان بحلب بمشورة عليّ بن المغربيّ، فلم يتم له أمر وتأخر عنه من كاتبه فقال لابن المغربيّ:
غررتني فيما أشرت به عليّ. وتنكر له ففرّ منه إلى الرقة، وكانت بين بكجور وبين ابن حمدان خطوب آلت إلى قتل ابن بكجور، ومسير ابن حمدان إلى الرقة، ففرّ ابن المغربيّ منها إلى الكوفة وكاتب العزيز بالله يستأذنه في القدوم، فأذن له، وقدم إلى مصر في جمادى الأولى سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة، وخدم بها وتقدّم في الخدم، فحرّض العزيز على أخذ حلب، فقلد ينجوتكين بلاد الشام وضم إليه أبا الحسن بن المغربيّ ليقوم بكتابته ونظر الشام وتدبير الرجال والأموال، فسار إلى دمشق في سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة، وخرج إلى حلب وحارب أبا الفضائل بن حمدان وغلامه لؤلؤ، فكاتب لؤلؤ أبا الحسن بن المغربيّ واستماله حتى صرف ينجوتكين عن محاربة حلب وعاد إلى دمشق، وبلغ ذلك العزيز بالله فاشتدّ حنقه على ابن المغربيّ وصرفه بصالح بن عليّ الروذباديّ، واستقدم ابن المغربيّ إلى مصر، ولم يزل بها حتى مات العزيز بالله وقام من بعده ابنه الحاكم بأمر الله أبو عليّ منصور، فكان هو وولده أبو القاسم حسين من جلسائه، فلما شرع الحاكم بأمر الله في قتل رجال الدولة من القوّاد والكتاب والقضاة، قبض على عليّ ومحمد ابني المغربيّ وقتلهما، ففرّ منه أبو القاسم حسين بن عليّ بن المغربيّ إلى حسان بن مفرّج بن الجرّاح، فأجاره وقلد الحاكم يارجتكين الشام، فخافه ابن جرّاح لكثرة عساكره، فحسن له ابن المغربيّ مهاجمته، فطرق يارجتكين في مسيره على غفلة وأسره وعاد إلى الرملة، فشن الغارات على رساتيقها، وخرج العسكر الذي بالرملة فقاتل العرب قتالا شديدا كادت العرب أن تنهزم لولا ثبّتها ابن المغربيّ، وأشار عليهم بإشهار النداء بإباحة النهب والغنيمة، فثبتوا ونادوا في الناس فاجتمع لهم خلق كثير، وزحفوا إلى الرملة فملكوها وبالغوا في النهب والهتك والقتل، فانزعج الحاكم لذلك انزعاجا عظيما، وكتب إلى مفرّج بن جرّاح يحذره سوء العاقبة ويلزمه بإطلاق يارجتكين من يد حسان ابنه. وإرساله إلى القاهرة، ووعده على ذلك بخمسين ألف دينار، فبادر ابن المغربيّ لما بلغه ذلك إلى حسان وما زال يغريه بقتل يارجتكين حتى أحضره وضرب عنقه، فشق ذلك على مفرّج، وعلم أنه