للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطرية. قال القضاعيّ: مسجد تبر بني على رأس إبراهيم بن عبد الله بن حسن بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، أنفذه المنصور فسرقه أهل مصر ودفنوه هناك، وذلك في سنة خمس وأربعين ومائة، ويعرف بمسجد البئر والجميزة. وقال الكنديّ في كتاب الأمراء: ثم قدمت الخطباء إلى مصر برأس إبراهيم بن عبد الله بن حسن بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب في ذي الحجة سنة خمس وأربعين ومائة، لينصبوه في المسجد الجامع، وقامت الخطباء فذكروا أمره.

وتبر هذا أحد الأمراء الأكابر في أيام الأستاذ كافور الإخشيديّ، فلما قدم جوهر القائد من المغرب بالعساكر ثار تبر الإخشيديّ هذا في جماعة من الكافورية والإخشيدية وحاربه، فانهزم بمن معه إلى أسفل الأرض، فبعث جوهر يستعطفه فلم يجب وأقام على الخلاف، فسير إليه عسكرا حاربه بناحية صهرجت فانكسر وصار إلى مدينة صور التي كانت على الساحل في البحر، فقبض عليه بها وأدخل إلى القاهرة على فيل، فسجن إلى صفر سنة ستين وثلاثمائة، فاشتدّت المطالبة عليه، وضرب بالسياط وقبضت أمواله، وحبس عدّة من أصحابه بالمطبق في القيود إلى ربيع الآخر منها، فجرح نفسه وأقام أياما مريضا ومات، فسلخ بعد موته وصلب عند كرسي الجبل. وقال ابن عبد الظاهر أنه حشي جلدة تبنا وصلب، فربما سمت العامّة مسجده بذلك لما ذكرناه، وقيل أن تبرا هذا خادم الدولة المصرية، وقبره بالمسجد المذكور. قال مؤلفه: هذا وهم وإنما هو تبر الإخشيديّ.

[مسجد القطبية]

هذا المسجد كان حيث المدرسة المنصورية بين القصرين والله أعلم.

[ذكر الخوانك]

الخوانك جمع خانكاه، وهي كلمة فارسية معناها بيت، وقيل أصلها خونقاه، أي الموضع الذي يأكل فيه الملك. والخوانك حدثت في الإسلام في حدود الأربعمائة من سني الهجرة، وجعلت لتخلي الصوفية فيها لعبادة الله تعالى. قال الأستاذ أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيريّ رحمه الله: اعلموا أن المسلمين بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لم يتسمّ أفاضلهم في عصرهم بتسمية علم سوى صحبة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، إذ لا فضيلة فوقها، فقيل لهم الصحابة، ولما أدرك أهل العصر الثاني، سميّ من صحب الصحابة التابعين، ورأوا ذلك أشرف سمة. ثم قيل لمن بعدهم أتباع التابعين، ثم اختلف الناس وتباينت المراتب، فقيل لخواص خواص الناس ممن لهم شدّة عناية بأمر الدين الزهّاد والعبّاد، ثم ظهرت البدع وحصل التداعي بين الفرق، فكلّ فريق ادّعوا أنّ فيهم زهادا، فانفرد خواص أهل السنة المراعون أنفسهم مع الله الحافظون قلوبهم عن طوارق الغفلة باسم التصوّف، واشتهر هذا الاسم لهؤلاء الأكابر قبل المائتين من الهجرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>