وقال عبد الله بن عمر: وعجائب الدنيا أربعة: مرآة كانت معلقة بمنارة الإسكندرية، فكان يجلس الجالس تحتها، فيرى من بالقسطنطينية وبينهما عرض البحر، وذكر الثلاثة؟!.
[ذكر الملعب الذي كان بالإسكندرية وغيره من العجائب]
قال القضاعيّ: ومن عجائب مصر: الإسكندرية وما بها من العجائب، فمن عجائبها:
المنارة، والسواري، والملعب الذي كانوا يجتمعون فيه في يوم من السنة، ثم يرمون بأكرة، فلا تقع في حجر أحد إلا ملك مصر، وحضر عيدا من أعيادهم، عمرو بن العاص، فوقعت الأكرة في حجره، فملك البلد بعد ذلك في الإسلام، ثم حضر هذا الملعب ألف ألف من الناس، فلا يكون فيهم أحد إلا وهو ينظر في وجه صاحبه، ثم إن قرىء كتاب سمعوه جميعا، أو لعب لون من اللعب رأوه عن آخرهم لا يتظالمون فيه بأكثر من مراتب العلية والسفلية.
وقال ابن عبد الحكم: فلما كانت سنة ثمان عشرة من الهجرة، وقدم عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، الجابية، خلا به عمرو بن العاص، واستأذنه في المسير إلى مصر، وكان عمرو قد دخل في الجاهلية مصر، وعرف طرقها، ورأى كثرة ما فيها، وكان سبب دخوله إياها أنه قدم إلى بيت المقدس لتجارة في نفر من قريش، فإذا هم بشماس من شمامسة الروم من أهل الإسكندرية، قدم للصلاة في بيت المقدس، فخرج في بعض جبالها يسيح، وكان عمرو يرعى إبله وإبل أصحابه، وكانت رعية الإبل نوبا بينهم، فبينا عمرو يرعى إبله، إذ مرّ به ذلك الشماس، وقد أصابه عطش شديد في يوم شديد الحرّ، فوقف على عمرو، فاستسقاه، فسقاه عمرو من قربة له، فشرب حتى روي، ونام الشماس مكانه، وكانت إلى جنب الشماس حيث نام حفرة، فخرجت منها حية عظيمة، فبصر بها عمرو، فنزع لها بسهم فقتلها، فلما استيقظ الشماس نظر إلى حية عظيمة قد أنجاه الله منها، فقال لعمرو: ما هذه؟ فأخبره عمرو أنه رماها، فقتلها، فأقبل إلى عمرو، فقبّل رأسه، وقال: قد أحياني الله بك مرّتين: مرّة من شدّة العطش، ومرّة من هذه الحية، فما أقدمك هذه البلاد؟
قال: قدمت مع أصحاب لي نطلب الفضل في تجارتنا، فقال له الشماس: وكم تراك ترجو أن تصيب في تجارتك؟ قال: رجائي أن أصيب ما أشتري به بعيرا، فإني لا أملك إلا بعيرين، فآمل أن أصيب بعيرا آخر فتكون ثلاثة أبعرة، فقال له الشماس: أرأيت دية أحدكم بينكم كم هي؟ قال: مائة من الإبل، فقال له الشماس: لسنا أصحاب إبل إنما نحن أصحاب دنانير، قال: تكون ألف دينار، فقال له الشماس: إني رجل غريب في هذه البلاد، وإنما قدمت أصلي في كنيسة بيت المقدس، وأسيح في هذه الجبال شهرا جعلت ذلك نذرا على نفسي، وقد قضيت ذلك، وأنا أريد الرجوع إلى بلادي، فهل لك أن تتبعني إلى بلادي،