الخشاب، وزيد في طول الخليج ما بين قنطرة السباع الآن وبين قنطرة السدّ المذكورة، وصار ما في شرقيه مما انحصر عنه الماء بستانا عرف ببستان الحارة، وما في غربيه يعرف ببستان المحليّ، وكان بطرف خط السبع سقايات كنيسة الحمراء، وعدّة كنائس أخر، بعضها الآن بحكر أقبغا، تعرف بزاوية الشيخ يوسف العجميّ، لسكناه بها عند ما هدمت بعد سنة عشرين وسبعمائة، وما برحت هذه البساتين موجودة إلى أن استولى عليها الأمير أقبغا عبد الواحد استدار الملك الناصر محمد بن قلاون، وقلع أخشابها وأذن للناس في عمارتها، فحكرها الناس وبنوا فيها الآدر وغيرها، فعرفت بحكر أقبغا.
وبأوّل هذا الخليج الآن من غربيه منشأة المهرانيّ، وقد تقدّم خبرها في هذا الكتاب عند ذكر مدينة مصر، ويجاور منشأة المهرانيّ بستان الخشاب، وبعضه الآن يعرف بالمريس، وبعضه عمله الملك الناصر محمد بن قلاون ميدانا يشرف على النيل من غربيه، ويعرف ساحل النيل هناك بموردة الجبس، كما ذكر عند ذكر الميادين من هذا الكتاب، ويجاور بستان الخشاب جنان الزهريّ، وهذه المواضع التي ذكرت كلها مما انحسر عنه النيل، ما خلا جنان الزهريّ، فإنها من قبل ذلك، وستقف على خبرها وخبر ما يجاورها من الأحكار إن شاء الله تعالى.
ذكر الأحكار التي في غربيّ الخليج
قال ابن سيده: الاحتكار، جمع الطعام ونحوه مما يؤكل واحتباسه انتظار وقت الغلاء به. والحكرة والحكر جميعا: ما احتكر وحكره يحكره حكرا ظلمه وتنقضه وأساء معاشرته.
انتهى.
فالتحكير على هذا: المنع. فقول أهل مصر: حكر فلان أرض فلان، يعنون منع غيره من البناء عليها.
حكر الزهريّ: هذا الحكر يدخل فيه جميع برّ ابن التبان الآتي ذكره إن شاء الله تعالى، وشق الثعبان، وبطن البقرة، وسويقة القيمريّ، وسويقة صفية، وبركة الشقاف، وبركة السباعين، وقنطرة الخرق، وحدرة المرادنيين، وحكر الحلبيّ، وحكر البواشقيّ، وحكر كرجي وما بجانبه إلى قناطر السباع، وميدان المهاري إلى الميدان الكبير السلطانيّ بموردة الجبس. وكان هذا قديما يعرف بجنان الزهريّ، ثم عرف ببستان الزهري.
قال أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن يونس في تاريخ الغرباء: عبد الوهاب بن موسى بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف الزهريّ، يكنى أبا العباس، وأمّه أم عثمان بنت عثمان بن العباس بن الوليد بن عبد الملك بن مروان، مدنيّ قدم مصر، وولي الشرط بفسطاط مصر، وحدّث يروي عن مالك بن أنس وسفيان بن عيينة، روى عنه من أهل