الثانية بدلة منديلها وطيلسانها شعريّ، وما هو برسم أخي الخليفة للغرّة خاصة بدلة مذهبة، وبرسم أربع جهات للخليفة أربع حلل مذهبات، وبرسم الوزير للغرّة خلعة مذهبة مكملة موكبية، وبرسم الجمعتين بدلتان حريرتان، ولم يكن لغير الخليفة وأخيه والوزير في ذلك شيء فنذكره.
[جامع راشدة]
هذا الجامع عرف بجامع راشدة لأنه في خطة راشدة. قال القضاعيّ: خطة راشدة بن أدوب بن جديلة من لخم، هي متاخمة للخطة التي قبلها إلى الدير المعروف كان بأبي تكموس، ثم هدم وهو الجامع الكبير الذي براشدة، وقد دثرت هذه الخطة، ومنها المقبرة المعروفة بمقبرة راشدة، والجنان التي كانت تعرف بكهمس بن معر، ثم عرفت بالماردانيّ، وهي اليوم تعرف بالأمير تميم.
وقال المسبحيّ في حوادث سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة، وابتدئ بناء جامع راشدة في سابع عشر ربيع الآخر، وكان مكانه كنيسة حولها مقابر لليهود والنصارى، فبني بالطوب ثم هدم وزيد فيه وبنى بالحجر، وأقيمت به الجمعة، وقال: في سنة خمس وتسعين وثلاثمائة وفيه، يعني شهر رمضان، فرش جامع راشدة وتكامل فرشه وتعليق قناديله وما يحتاج إليه، وركب الحاكم بأمر الله عشية يوم الجمعة الخامس عشر منه وأشرف عليه.
وقال: في سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة وفيه، يعني شهر رمضان، صلّى الحاكم بجامعه الذي أنشأه براشدة صلاة الجمعة، وخطب. وفي شهر رمضان سنة أربعمائة أنزل بقناديل وتنور من فضة زنتها ألوف كثيرة، فعلّقت بجامع راشدة. وفي سنة إحدى وأربعمائة هدم وابتدئ في عمارته من صفر، وفي شهر رمضان سنة ثلاث وأربعمائة صلّى الحاكم في جامع راشدة صلاة الجمعة وعليه عمامة بغير جوهر، وسيف محلى بفضة بيضاء دقيقة، والناس يمشون بركابه من غير أن يمنع أحد منه، وكان يأخذ قصصهم ويقف وقوفا طويلا لكلّ منهم، واتفق يوم الجمعة حادي عشر جمادى الآخرة سنة أربع عشرة وأربعمائة أن خطب فيه خطبتان معا على المنبر، وذلك أنّ أبا طالب عليّ بن عبد السميع العباسيّ استقرّ في خطابته بإذن قاضي القضاة أبي العباس أحمد بن محمد بن العوّام، بعد سفر العفيف البخاريّ إلى الشام، فتوصل ابن عصفورة إلى أن خرج له أمر أمير المؤمنين الظاهر لإعزاز دين الله أبي الحسن عليّ بن الحاكم بأمر الله، أن يخطب. فصعدا جميعا المنبر ووقف أحدهما دون الآخر وخطبا معا، ثم بعد ذلك استقرّ أبو طالب خطيبا، وأن يكون ابن عصفورة يخلفه. وقال ابن المتوّج: هذا الجامع فيما بين دير الطين والفسطاط، وهو مشهور الآن بجامع راشدة، وليس بصحيح. وإنما جامع راشدة كان جامعا قديم البناء بجوار هذا الجامع، عمر في زمن الفتح، عمرته راشدة، وهي قبيلة من القبائل كقبيلة تجيب ومهرة نزلت في هذا المكان، وعمروا فيه