هذه المدرسة بالقاهرة على رأس السوق الذي كان يعرف بالخروقيين، ويعرف اليوم بسويقة أمير الجيوش، بناها الأمير سيف الدين أيازكوج الأسديّ، مملوك أسد الدين شيركوه، وأحد أمراء السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب، وجعلها وقفا على الفقهاء من الحنفية فقط، في سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة، وكان أيازكوج رأس الأمراء الأسدية بديار مصر في أيام السلطان صلاح الدين، وأيام ابنه الملك العزيز عثمان، وكان الأمير فخر الدين جهاركس رأس الصلاحية، ولم يزل على ذلك إلى أن مات في يوم الجمعة ثامن عشر ربيع الآخر سنة تسع وتسعين وخمسمائة، ودفن بسفح المقطم بالقرب من رباط الأمير فخر الدين بن قزل.
[المدرسة الفخرية]
هذه المدرسة بالقاهرة فيما بين سويقة الصاحب ودرب العدّاس، عمرها الأمير الكبير فخر الدين أبو الفتح عثمان بن قزل الباروميّ، أستادار الملك الكامل محمد بن العادل، وكان الفراغ منها في سنة اثنتين وعشرين وستمائة، وكان موضعها أخيرا يعرف بدار الأمير حسام الدين ساروح بن أرتق شادّ الدواوين، ومولد الأمير فخر الدين في سنة إحدى وخمسين وخمسمائة بحلب، وتنقل في الخدم حتى صار أحد الأمراء بديار مصر، وتقدّم في أيام الملك الكامل، وصار أستاداره وإليه أمر المملكة وتدبيرها إلى أن سافر السلطان من القاهرة يريد بلاد المشرق، فمات بحرّان بعد مرض طويل في ثامن عشر ذي الحجة سنة تسع وعشرين وستمائة، وكان خيّرا كثير الصدقة يتفقد أرباب البيوت، وله من الآثار سوى هذه المدرسة المسجد الذي تجاهها، وله أيضا رباط بالقرافة وإلى جانبه كتاب سبيل، وبنى بمكة رباطا.
[المدرسة السيفية]
هذه المدرسة بالقاهرة فيما بين خط البندقانيين وخط الملحيين، وموضعها من جملة دار الديباج، قال ابن عبد الظاهر كانت دارا وهي من المدرسة القطبية، فسكنها شيخ الشيوخ، يعني صدر الدين محمد بن حموية، وبنيت في وزارة صفيّ الدين عبد الله بن عليّ بن شكران سيف الإسلام، ووقفها وولى فيها عماد الدين ولد القاضي صدر الدين، يعني ابن درباس، وسيف الإسلام هذا اسمه طفتكين بن أيوب.
طفتكين: ظهير الدين سيف الإسلام الملك المعز بن نجم الدين أيوب بن شادي بن مروان الأيوبيّ، سيّره أخوه صلاح الدين يوسف بن أيوب إلى بلاد اليمن في سنة سبع وسبعين وخمسمائة، فملكها واستولى على كثير من بلادها، وكان شجاعا كريما مشكور السيرة حسن السياسة، قصده الناس من البلاد الشاسعة يستمطرون إحسانه وبرّه، وسار إليه