دعت الحاجة إليهم ليلا ونهارا، وكذلك يعتمد في القربيين، وأن يبيتوا على باب كل معونة، ومعهم عشرة من الفعلة بالطوارىء والمساحي، وأن يقوما لهم بالعشاء من أموالهما بحكم فقرهم، انتهى.
وكان حبس المعونة هذا يسجن فيه أرباب الجرائم، كما هو اليوم السجن المعروف:
بخزانة شمائل، وأما الأمراء، والأعيان، فيسجنون: بخزانة البنود، كما تقدّم، ولم يزل هذا الموضع سجنا مدّة الدولة الفاطمية، ومدّة دولة بني أيوب إلى أن عمره: الملك المنصور قلاون قيسارية، أسكن فيها العنبرانيين في سنة ثمانين وستمائة.
ذكر الحسبة «١» ودار العيار
وكان بجوار حبس المعونة: دكة الحسبة، ومكانها اليوم يعرف: بالإبازرة، ومكسر الحطب بجوار سوق القصارين والفحامين.
قال ابن الطوير: وأما الحسبة، فإنّ من تسند إليه لا يكون إلّا من وجوه المسلمين وأعيان المعدّلين لأنها خدمة دينية، وله استخدام النوّاب عنه بالقاهرة ومصر، وجميع أعمال الدولة، كنوّاب الحكم، وله الجلوس بجامعي القاهرة ومصر يوما بعد يوم، ويطوف نوّابه على أرباب الحرف، والمعايش ويأمر نوّابه بالختم على قدور الهرّاسين، ونظر لحمهم ومعرفة من جزاره، وكذلك الطباخون ويتتبعون الطرقات، ويمنعون من المضايقة فيها، ويلزمون رؤساء المراكب أن لا يحملوا أكثر من وسق السلامة، وكذلك مع الحمالين على البهائم ويأمرون السقائين بتغطية الروايا بالأكسية، ولهم عيار: وهو أربعة وعشرون دلوا، كل دلو: أربعون رطلا، وأن يلبسوا السراويلات القصيرة الضابطة لعوراتهم، وهي زرق، وينذرون معلمي المكاتب بأن لا يضربوا الصبيان ضربا مبرّحا، ولا في مقتل، وكذلك معلمو العلوم بتحذيرهم من التغرير بأولاد الناس، ويقفون على من يكون سيء المعاملة، فينهونه بالردع والأدب، وينظرون المكاييل والموازين، وللمحتسب النظر في دار العيار، ويخلع عليه ويقرأ سجله بمصر والقاهرة على المنبر، ولا يحال بينه، وبين مصلحة إذا رآها، والولاة تشدّ معه إذا احتاج إلى ذلك وجاريه: ثلاثون دينارا في كل شهر، انتهى.
وكان للعيار: مكان يعرف بدار العيار تعير فيه الموازين بأسرها، وجميع الصنج، وكان ينفق على هذه الدار من الديوان السلطانيّ، فيما تحتاج إليه من الأصناف كالنحاس والحديد والخشب والزجاج، وغير ذلك من الآلات، وأجر الصناع والمشارفين ونحوهم،