تقول وقد مالت عليهم تمهّلوا ... فليس على جسمي أضرّ من العين
فتحدّث الناس أنه في قوله بالعين قصد التورية لتخدم في العين التي تصيب الأشياء فتتلفها، وفي الشيخ بدر الدين محمود العينتابيّ فإنه يقال له العينيّ أيضا.
فقال المذكور يعارضه:
منارة كعروس الحسن إذ جليت ... وهدمها بقضاء الله والقدر
قالوا أصيبت بعين قلت ذا غلط ... ما أوجب الهدم إلّا خشية الحجر
يعرّض بالشهاب ابن حجر وكل منهما لم يصب الغرض، فإن العينيّ بدر الدين محمودا ناظر الأحباس، والشيخ شهاب الدين أحمد بن حجر، كل منهما ليس له في المئذنة تعلق حتى تخدم التورية، وأقعد منهما بالتورية من قال:
على البرج من بابي زويلة أسّست ... منارة بيت الله والمعهد المنجي
فأخلى بها البرج اللعين أمالها ... ألا فاصرخوا يا قوم باللّعن للبرج
وذلك أن الذي ولى تدبير أمر الجامع المؤيديّ هذا، وولى نظر عمارته بهاء الدين محمد بن البرجيّ، فخدمت التورية في البرجي كما ترى، وتداول هذا الناس فقال آخر:
عتبنا على ميل المنار زويلة ... وقلنا تركت الناس بالميل في هرج
فقال قريني برج نحس أمالني ... فلا بارك الرحمن في ذلك البرج
وقال الأديب شمس الدين محمد بن أحمد بن كمال الجوجريّ أحد الشهود:
منارة لثواب الله قد بنيت ... فكيف هدّت فقالوا نوضح الخبرا
أصابت العين أحجارا بها انفلقت ... ونظرة العين قالوا تفلق الحجرا
وقال آخر:
منارة قد هدمت بالقضا ... والناس في هرج وفي رهج
أمالها البرج فمالت به ... فلعنة الله على البرج
وفي ثالث جمادى الأولى سنة اثنتين وعشرين استقرّ الشيخ شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن عليّ بن حجر في تدريس الشافعية، والشيخ يحيى بن محمد بن أحمد العجيسيّ البجائيّ المغربيّ في تدريس المالكية، وعز الدين عبد العزيز بن عليّ بن الفخر البغداديّ في تدريس الحنابلة، وخلع عليهم بحضرة السلطان، فدرس ابن حجر بالمحراب في يوم الخميس ثالث عشرة، ونزل السلطان وأقبل ليحضر عنده، وهو في إلقاء الدرس ومنعه من القيام له، فلم يقم واستمرّ فيما هو بصدده، وجلس السلطان عنده مليا، ثم درّس يحيى