خبرا واهيا وإلا فزمان إسكندر حادث بعد كون هذا البحر، والله أعلم.
وهذا الزقاق صعب السلوك شديد الهول متلاطم الأمواج، وإذا خرج البحر من هذا الزقاق مرّ مشرقا في بلاد البربر وشمال الغرب الأقصى إلى وسط بلاد المغرب على إفريقية وبرقة والإسكندرية وشمال التيه وأرض فلسطين، والسواحل من بلاد الشام، ثم يعطف من هناك إلى العلايا وأنطاكية إلى ظهر بلاد القسطنطينية حتى ينتهي إلى البحر المحيط الذي خرج منه وطول هذا البحر خمسة آلاف ميل، وقيل: ستة آلاف ميل، وعرضه من سبعمائة ميل إلى ثلاثمائة ميل، وفيه مائة وسبعون جزيرة عامرة فيها أمم كثيرة معروفة إلا أنه ليس من شرط هذا الكتاب منها صقلية وصورقة وأقريطش وقبالة البحر الهنديّ من جهة المغرب بحر خارج من المحيط في مغرب بلاد الزنج ينتهي إلى قريب من جبل القمر وفيه مصب النيل المار على بلاد الحبشة وفي أسفله جزائر الخالدات التي هي منتهى الطول في المغرب، ويقابل البحر الشاميّ من نحية المشرق بحر جرجان وقيل: إنه يتصل بالبحر المحيط من بين جبال شامخة وبحر الصقلب بحر يخرج من جهة المغرب بين الإقليم السادس، والإقليم السابع، وهو متسع وفيه جزائر كثيرة، ومنها جزيرة الأندلس إلا أنها تتصل بالبرّ الكبير وهو جبل كالذراع يتصل بهذا البرّ عند برشلونة ولهم بحر يعرف يأجوج ومأجوج غزير وفيه عجائب إلا أنه ليس من شرط هذا الكتاب ذكرها ويقال: إن مسافة هذا البحر الروميّ نحو أربعة أشهر.
وقال أبو الريحان محمد بن أحمد البيرونيّ «١» ، في كتاب تحديد نهايات الأماكن لتصحيح مسافات المساكن: وقد كان حرّض بعض ملوك الفرس في بعض استيلائهم على مصر على أن يحفروا ما بين البحرين القلزم والروميّ ويرفعوا من بينهما البرزخ وكان أوّلهم شاسيس بن طراطس الملك ثم من بعده دارنوش الملك فلم يتمكن لهم ذلك لارتفاع ماء القلزم على أرض مصر.
فلما كانت دولة اليونانيين: جاء بطليموس الثالث ففعل ذلك على يد أرسمدس بحيث يحصل الغرض بلا ضرر. فلما كانت دولة الروم القياصرة طموه منعا لمن يصل إليهم من أعدائهم وذكر بعض أصحاب السير من الفلاسفة أن ما بين الإسكندرية وبلادها وبين القسطنطينية كان في قديم الزمان أرضا تنبت الجميز وكانت مسكونة وخمة وكان أهلها من اليونانية، وأن الإسكندر خرق إليها البحر فغلب على تلك الأرض وكان بها فيما يزعمون:
الطائر الذي يقال له قفنس، وهو طائر حسن الصوت وإذا حان موته زاد حسن صوته قبل