العامّة عصريات كل يوم إلى شاطيء الخليج الشرقي تحت المناظر للتفرّج، فإن بر الخليج الغربيّ كان فضاء ما بين بساتين وبرك، كما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى.
قال القاضي الفاضل في متجدّدات سنة سبع وثمانين وخمسمائة: في شوّال قطع النيل الجسور واقتلع الشجر، وغرّق النواحي وهدم المساكن، وأتلف كثيرا من النساء والأطفال، وكثر الرخاء بمصر، فالقمح كل مائة أردب بثلاثين دينارا، والخبز البايت ستة أرطال بربع درهم، والرطب الأمهات ستة أرطال بدرهم، والموز ستة أرطال بدرهم، والرمان الجيد مائة حبة بدرهم، والحمل الخيار بدرهمين، والتين ثمانية أرطال بدرهم، والعنب ستة أرطال بدرهم في شهر بابه بعد انقضاء موسمه المعهود بشهرين، والياسمين خمسة أرطال بدرهم، وآل أمر أصحاب البساتين إلى أن لا يجمعوا الزهر لنقص ثمنه عن أجرة جمعه، وثمر الحناء عشرة أرطال بدرهم، والبسرة عشرة أرطال بدرهم من جيده، والمتوسط خمسة عشر رطلا بدرهم، وما في مصر إلّا متسخط بهذه النعمة.
قال: ولقد كنت في خليج القاهرة من جهة المقس لانقطاع الطرق بالمياه، فرأيت الماء مملوء سمكا، والزيادة قد طبقت الدنيا، والنخل مملوء تمرا، والمكشوف من الأرض مملوء ريحانا وبقولا، ثم نزلت فوصلت إلى المقس، فوجدت من القلعة التي بالمقس إلى منية السيرج غلالا قد ملأت صبرها الأرض، فلا يدري الماشي أين يضع رجله، متصلا عرض ذلك إلى باب القنطرة، وعلى الخليج عند باب القنطرة من مراكب الغلة ما قد ستر سواحله وأرضه. قال: ودخلت البلد فرأيت في السوق من الأخباز واللحوم والألبان والفواكه ما قد ملأها، وهجمت منه العين على منظر ما رأيت قبله مثله. قال: وفي البلد من البغي ومن المعاصي ومن الجهر بها ومن الفسق بالزنا واللواط ومن شهادة الزور ومن مظالم الأمراء والفقهاء، ومن استحلال الفطر في نهار رمضان وشرب الخمر في ليله ممن يقع عليه اسم الإسلام، ومن عدم النكير على ذلك جميعه ما لم يسمع ولم يعهد مثله، فلا حول ولا قوّة إلا بالله العليّ العظيم، وظفر بجماعة مجتمعين في حارة الروم يتغدّون في قاعة في نهار رمضان، فما كلموا، وبقوم مسلمين ونصارى اجتمعوا على شرب خمر في ليل رمضان، فما أقيم فيهم حدّ، وخط باب القنطرة فيما بين حارة بهاء الدين «١» وسويقة أمير الجيوش «٢» وينتهى من قبليه إلى خط بين السورين.
خط بين السورين: هذا الخط من حدّ باب الكافوري في الغرب إلى باب سعادة، وبه الآن صفان من الأملاك، أحدهما مشرف على الخليج، والآخر مشرف على الشارع المسلوك