للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثمانمائة، وفيه بقية ليست بذاك، ولم تزل إلى أن هدم علو الفندق وما بظاهره من الحوانيت في يوم السبت سادس عشر شعبان، سنة إحدى وعشرين وثمانمائة، وذلك أن الجامع المؤيديّ جاءت شبابيكه الغربية من جهة دار التفاح، فعمل فيها كما صار يعمل في الأوقاف، وحكم باستبدالها ودفع في ثمن نقضها ألف دينار إفريقية، عنها مبلغ ثلاثين ألف مؤيديّ فضة، ويتحصل من أجرتها إلى أن ابتدئ بهدمها في كل شهر سبعة آلاف درهم فلوسا، عنها ألف مؤيدي، فاستشنع هذا الفعل ومات الملك المؤيد ولم تكمل عمارة الفندق.

وكالة باب الجوّانية: هذه الوكالة تجاه باب الجوّانية من القاهرة، فيما بين درب الرشيدي ووكالة قوصون، كان موضعها عدّة مساكن، فابتدأ الأمير جمال الدين محمود بن عليّ الأستادار بهدمها في يوم الأربعاء ثالث عشر جمادى الأولى سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة، وبناها فندقا وربعا بأعلاه، فلما كملت رسم الملك الظاهر برقوق أن تكون دار وكالة يرد إليها ما يصل إلى القاهرة وما يرد من صنف متجر الشام في البحر، كالزيت والرب والدبس، ويصير ما يرد في البرّ يدخل به على عادته إلى وكالة قوصون، وجعلها وقفا على المدرسة الخانقاه التي أنشأها بخط بين القصرين، فاستمرّ الأمر على ذلك إلى اليوم.

خان الخليلي: هذا الخان بخط الزراكشة العتيق، كان موضعه تربة القصر التي فيها قبور الخلفاء الفاطميين المعروفة بتربة الزعفران، وقد تقدّم ذكرها عند ذكر القصر من هذا الكتاب. أنشأه الأمير جهاركس الخليليّ أميراخور الملك الظاهر برقوق، وأخرج منها عظام الأموات في المزابل على الحمير وألقاها بكيمان البرقية، هوانا بها، فإنه كان يلوذ به شمس الدين محمد بن أحمد القليجي الذي تقدّم ذكره في ذكر الدور من هذا الكتاب وقال له: إن هذه عظام الفاطميين، وكانوا كفارا رفضة، فاتفق للخليليّ في موته أمر فيه عبرة لأولي الألباب، وهو أنه لما ورد الخبر بخروج الأمير بلبغا الناصريّ نائب حلب، ومجيء الأمير منطاش نائب ملطية إليه، ومسيرهما بالعساكر إلى دمشق، أخرج الملك الظاهر برقوق خمسمائة من المماليك، وتقدّم لعدّة من الأمراء بالمسير بهم، فخرج الأمير الكبير ايتمش الناصريّ والأمير جهاركس الخليل هذا، والأمير يونس الدوادار، والأمير أحمد بن بلبغا الخاصكيّ، والأمير ندكار الحاجب، وساروا إلى دمشق، فلقيهم الناصري ظاهر دمشق، فانكسر عسكر السلطان لمخامرة ابن بلبغا وندكار، وفرّ أيتمش إلى قلعة دمشق، وقتل الخليليّ في يوم الاثنين حادي عشر شهر ربيع الآخر سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، وترك على الأرض عاريا وسوءته مكشوفة، وقد انتفخ وكان طويلا عريضا إلى أن تمزق وبلي عقوبة من الله تعالى بما هتك من رمم الأئمة وأبنائهم، ولقد كان عفا الله عنه عارفا خبيرا بأمر دنياه، كثير الصدقة، ووقف هذا الخان وغيره على عمل خبز يفرّق بمكة على كل فقير، منه في اليوم رغيفان، فعمل ذلك مدّة سنين، ثم لما عظمت الأسعار بمصر وتغيرت نقودها، من سنة ست وثمانمائة، صار يحمل إلى مكة مال ويفرّق بها على الفقراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>