للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعرف ببني الأزرق وبني روبيل، ثم دئرت هذه الخطة وبقيت صحراء فيها ديارات وكنائس للنصارى تعرف بكنائس الحمراء، فلما زالت دولة بني أمية ودخل أصحاب بني العباس إلى مصر في سنة اثنتين وثلاثين ومائة، نزلوا في هذه الخطة وعمروا بها فصارت تتصل بالعسكر، وقد تقدّم خبر العسكر في هذا الكتاب، فلما خرب العسكر وصار هذا المكان بساتين وغيرها إلى أن حفر الملك الناصر محمد بن قلاوون البركة الناصرية، وانشأ ميدان المهاري والزريبة والربعين بجوار الجامع الطيبرسيّ على شاطىء النيل؛ بنى الناس في حكر أقبغا واتصلت العمائر من خط السبع سقايات وخط قناطر السباع حتى اتصلت بالقاهرة ومصر والقرافة، وذلك كله من بعد سنة عشرين وسبعمائة.

بئر الوطاويط: هذه البئر أنشأها الوزير أبو الفضل جعفر بن الفضل بن جعفر بن الفرات، المعروف بابن خترابه، لينقل منها الماء إلى السبع سقايات التي أنشأها وحبسها لجميع المسلمين، التي كانت بخط الحمراء، وكتب عليها بسم الله الرحم الرحيم، لله الأمر من قبل ومن بعد، وله الشكر وله الحمد، ومنه المن على عبده جعفر بن الفضل بن جعفر بن الفرات، وما وفقه له من البناء لهذه البئر وجريانها إلى السبع سقايات، التي أنشأها وحبسها لجميع المسلمين، وحبسه وسبله وقفا مؤبدا لا يحل تغييره ولا العدول بشيء من مائه، ولا ينقل ولا يبطل ولا يساق إلّا إلى حيث مجراه، إلى السقايات المسبلة، فمن بدّله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدّلونه، إن الله سميع عليم. وذلك في سنة خمس وخمسين وثلاثمائة، وصلى الله على نبيه محمد وآله وسلم، فلما طال الأمر خربت السقايات، وإلى اليوم، يعرف موضعها بخط السبع سقايات، وبنى فوق البئر المذكورة وتولد فيها كثرة من الوطاويط، فعرفت ببئر الوطاويط، ولما أكثر الناس من بناء الأماكن في أيام الناصر محمد بن قلاوون، عمر هذا المكان وعرف إلى اليوم بخط بئر الوطاويط، وهو خط عامر، فهذا ما في جهة الخليج مما خرج عن باب زويلة.

وأما جهة الجبل فإنها كانت عند وضع القاهرة صحراء، وأوّل من أعلم أنه عمر خارج باب زويلة من هذه الجهة الصالح طلائع بن رزيك، فإنه أنشأ الجامع الذي يقال له جامع الصالح، ولم يكن بين هذا الجامع وبين هذا الشرف الذي عليه الآن قلعة الجبل بناء البتة، إلّا أن هذا الموضع الآن عمل الناس فيه مقبرة، فيما بين جامع الصالح وبين هذا الشرف من حين بنيت الحارات خارج باب زويلة، فلما عمرت قلعة الجبل عمر الناس بهذه شيئا بعد شيء، وما برح من بنى هناك يجد عند الحفر رمم الأموات، وقد صارت هذه الجهة في الدولة التركية لا سيما بعد سنة ثلاث عشرة وسبعمائة من أعمر الأخطاط، وأنشأ فيها الأمراء الجوامع والدور الملوكية، وتحدّدت هناك عدّة أسواق، وصار الشارع خارج باب زويلة يفصل بين هذه الجهة وبين الجهة التي من حدّ الخليج، وكلتا هاتين الجهتين الآن عامرة، وفي جهة الجبل خط البسطيين، وخط الدرب الأحمر، وخط سوق الغنم، وخط جامع

<<  <  ج: ص:  >  >>