وقال الكنديّ في كتاب الموالي، قال: أقبل عمرو بن العاص رضي الله عنه يوما يسير وابن سندر معه، فكان ابن سندر ونفر معه يسيرون بين يدي عمرو بن العاص رضي الله عنه، وأثاروا الغبار، فجعل عمرو عمامته على طرف أنفه ثم قال: اتقوا الغبار فإنه أوشك شيء دخولا وأبعده خروجا، وإذا وقع على الرثة صار نسمة. فقال بعضهم لأولئك النفر تنحوا، ففعلوا إلّا ابن سندر، فقيل له ألا تتنحى يا ابن سندر؟ فقال عمرو: دعوه فإن غبار الخصي لا يضرّ، فسمعها ابن سندر فغضب وقال: أما والله لو كنت من المؤمنين ما آذيتني. فقال عمرو: يغفر الله لك، أنا بحمد الله من المؤمنين. فقال ابن سندر: لقد علمت أني سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يوصي بي فقال: أوصي بك كل مؤمن.
وقال ابن يونس: اصبغ بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم يكنى أبا ريان، حكى عنه أبو حبرة عبد الله بن عباد المغافريّ، وعون بن عبد الله وغيره، توفي ليلة الجمعة لأربع بقين من شهر ربيع الآخر سنة ست وثمانين، قبل أبيه. وقال أبو الفجر عليّ بن الحسين الأصبهانيّ في كتاب الأغاني الكبير عن الرياشيّ أنه قال عن سكينة بنت الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، أن أبا عذرتها عبد الله بن الحسين بن عليّ، ثم خلفه عليها العثماني، ثم مصعب بن الزبير، ثم الأصبغ بن عبد العزيز بن مروان. قال: وكان يتولى مصر، فكتبت إليه سكينة أنّ مصر أرض وخمة، فبنى لها مدينة تسمى بمدينة الأصبغ، وبلغ عبد الملك تزوّجه أباها، فنفس بها عليه وكتب إليه: اختصر مصرا وسكينة، فبعث إليه بطلاقها ولم يدخل بها، ومتعها بعشرين ألف دينار. قلت في هذا الخبر أوهام، منها أن الأصبغ لم يل مصر، وإنما كان مع أبيه عبد العزيز بن مروان، ومنها أنّ الذي بناه الأصبغ لسكينة، منية الأصبغ هذه وليست مدينة، ومنها أن الأصبغ لم يطلّق سكينة، وإنما مات عنها قبل أن يدخل عليها. وقال ابن زولاق في كتاب إتمام كتاب الكنديّ في أخبار أمراء مصر:
وفي شوّال، يعني من سنة ستين وثلاثمائة كثر الأرجاف بوصول القرامطة إلى الشام، ورئيسهم الحسن بن محمد الأعسم، وفي هذا الوقت ورد الخبر بقتل جعفر بن فلاح، قتله القرامطة بدمشق، ولما قتل ملكت القرامطة دمشق وصاروا إلى الرملة، فانحاز معاذ بن حيان إلى يافا متحصنا بها، وفي هذا الوقت تأهب جوهر القائد لقتال القرامطة، وحفر خندقا وعمل عليه بابا، ونصب عليه بابي الحديد اللذين كانا على ميدان الإخشيد، وبنى القنطرة على الخليج، وحفر خندق السري بن الحكم وفرّق السلاح على رجال المغاربة والمصريين، ووكل بأبي الفضل جعفر بن الفضل بن الفرات خادما يبيت معه في داره ويركب معه حيث كان، وأنفذ إلى ناحية الحجاز فتعرّف خبر القرامطة، وفي ذي الحجة كبس القرامط القلزم وأخذوا واليها، ثم دخلت سنة إحدى وستين وثلاثمائة، وفي المحرّم بلغت القرامطة عين شمس، فاستعدّ جوهر للقتال لشعر بقين من صفر، وغلق أبواب الطابية وضبط الداخل والخارج، وأمر الناس بالخروج إليه وأن يخرج الأشراف كلهم، فخرج إليه أبو جعفر مسلم