وقال أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم في كتاب فتوح مصر. وكان الإصطبل للأزد فاشتراه منهم الحكم بن أبي بكر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم، فبناه وكان يجرى على الذي يقرأ في المصحف الذي وضعوه في المسجد الذي يقال له مصحف أسماء، من كراه في كل شهر ثلاثة دنانير، فلما حيزت أموالهم، يعني أموال بني أمية، وضمت إلى مال الله، حيز الإصطبل فيما حيز وكتب بأمر المصحف إلى أمير المؤمنين أبي العباس السفاح، فكتب أن أقرّوا مصحفهم في مسجدهم على حاله، وأجروا على الذي يقرأ فيه ثلاثة دنانير في كل شهر من مال الله تعالى.
وقال القضاعيّ: بركة الحبش كانت تعرف ببركة المغافر وحمير، وتعرف باصطبل قامش، وكانت في ملك أبي بكر محمد بن عليّ الماردانيّ، بجميع ما تشتمل عليه من المزارع والجنان خلا الجنان التي في شرقيها، وأظنها الجنان المنسوبة إلى وهب بن صدقة، وتعرف بالحبش، فإني رأيت في شرط هذه البركة أن الحدّ الشرقيّ ينتهي إلى الفضاء الفاصل بينها وبين الجنان المعروفة بالحبش، فدلّ على أن الجنان خارجة عنها.
وذكر ابن يونس في تاريخه: أن في قبليّ بركة الحبش جنانا تعرف بقتادة بن قيس بن حبشيّ الصدفيّ شهد فتح مصر، والجنان تعرف بالحبش، وبه تعرف بركة الحبش، وذكر بعض هذا الشرط أنّ الحدّ البحري ينتهي إلى البئر الطولونية وإلى البئر المعروفة بموسى بن أبي خليد، وهذه البئر هي البير المعروفة بالنعش. ورأيت في كتاب شرط هذه البركة أنها محبسة على البئرين اللتين استنبطهما أبو بكر الماردانيّ في بني وائل بحضرة الخليج والقنطرة المعروفة، أحدهما بالفندق والأخرى بالعتيق، وعلى السرب الذي يدخل منه الماء إلى البئر الحجارة المعروفة بالروا، التي في بني وائل، ذات القناطر التي يجرى فيها الماء إلى المصنعة التي بحضرة العقبة التي يصار منها إلى يحصب، وهي المصنعة المعروفة بدليله، وعلى القنوات المتصلة بها التي تصب إلى المصنعة ذات العمد الرخام القائمة فيها، المعروفة بسمينة، وهي التي في وسط يحصب. ويقال أن هناك كانت سوق ليحصب، وذكر في هذا الشرط دارا له في موضع السقاية المعروفة بسقاية زوف، وشرط أن تنشأ هذه الدار مصنعة على مثل هذه المصنعة المقدّم ذكرها، المعروفة بسمينة، وهي سقاية زوف اليوم، وعلى القناة التي يجري فيها الماء إلى مصنعة ذكر أنّه كان أنشأها عند البئر المعروفة اليوم ببئر القبة، والحوض الذي هناك بحضرة المسجد المعروف بمسجد القبة، وكانت هذه المصنعة تسمى ريا، وجعل هذا الحبس أيضا على البئر التي له بالحبانية بحضرة الخندق، وذكر أنها تعرف بالقبانية، وأن ماءها يجري إلى المصنعة المقابلة للميدان من دار الإمارة في طريق المصلى القديم، ثم إلى المصنعة التي تحت مسجده المقابل لدار عبد العزيز، ثم إلى المصنعة المقابلة لمسجد التربة المجاورة لمسجد الأخضر، وتاريخ هذا الشرط شهر رمضان