وكانت نزهة المصريين، فلما استأجرها الأمير عز الدين أيبك الأفرم من الناظر عليها من جهة الحكم العزيزي، حازها بالجسور عن الماء وغرس فيها الأشجار والكروم وحفر الآبار، وهذه البركة مساحتها أربعة وخمسون فدّانا، ولها حدود أربعة، الحدّ القبليّ، ينتهي بعضه إلى بعض أرض المعشوق الجاري في وقف ابن الصابوني، وإلى الجسر الفاصل بينها وبين بركة الحبش، وفي هذا الجسر الآن قنطرة يدخل إليها الماء من خليج بركة الأشراف، والحدّ البحريّ: كان ينتهي بعضه إلى منظرة قاضي القضاة بدر الدين السنجاريّ، وإلى جسره.
والحدّ الشرقيّ: ينتهي إلى الآدر التي كانت مطلة عليها، وقد خرب أكثرها، وكانت مسكن أعيان المصريين من القضاة والكتاب. والحدّ الغربيّ: ينتهي إلى جرف النيل، ولما استأجرها الأفرم شرط له خمسة أفدنة يعمر عليها ويؤجرها لمن يعمر عليها، منها فدّان واحد من بحريها، وفدّانان من غربيها ملاصقان لجدار البساتين، وفدّانان بالجرف الذي من حقوقها.
فلما مات الأفرم طمع الأمير علم الدين الشجاعي في ورثته وفي الوقف وأربابه، فغضب أرض الجرف وجملتها فدّانان، ثم تركها، فلما كان في أثناء دولة الناصر محمد بن قلاون ووزارة الأعسر بيعت أرضها لأرباب الأبنية التي عليها، وهذه البركة وقفها الخطير بن مماتي، ودخل معهم بنو الشعيبية لاختلاط أنسابهم بالتناسل. وقال في موضع آخر: ومن جملة الأوقاف بركة الخطير بن مماتي المشهورة ببركة الشعيبية، ومساحة أرضها أربعون وخمسون فدّانا وربع، ولها حدود أربعة، القبليّ: من البركة الصغرى منها إلى الجسر الفاصل بينها وبين بركة الحبش، وفيه قنطرة يمرّ منها الماء إلى هذه البركة، وباقي هذا الحدّ إلى بعض أبنية مناظر المعشوق، ومن جملة حقوق هذا الوقف المجاز المستطيل المسلوك فيه إلى المنظرة المذكورة، ومنه دهليزها الإيوان البحري، وهذا جميعه رأيته ترعة من تراع هذه البركة المذكورة، يمرّ الماء فيها في زمن النيل إليها، وكان باقي هذه المنظرة دارا مطلة على بحر النيل من شرقيها، وعلى هذه الترعة من بحريها، ثم ملكها الصاحب تاج الدين بن حنا وهدمها وردم الخليج وعمر المنظرة والحمام والبيوت الموجودة الآن، وباقي ذلك كله في أرض ابن الصابونيّ. وحدّ هذه البركة من الجهة البحرية: إلى الطريق الآن، وكان فيه جسر يعرف بجسر الحيات، كان يفصل بين هذه البركة وبين بركة شطا، وكان فيه قنطرة يجري الماء فيها من هذه البركة إلى بركة شطا، وكان في هذا الحدّ ترعة أخرى يجري الماء فيها في زمن النيل من البحر إلى هذه البركة، ورأيته يجري فيها، ورأيت الشخاتير تدخل فيها إلى هذه البركة، وأما حدّها الشرقيّ: فإنه كان إلى أبنية الآدر المطلة على هذه البركة، وأمّا حدّها الغربي فإنه كان إلى بحر النيل، ولم تزل كذلك إلى أن استأجرها الأمير عز الدين أيبك الأفرم، فردم هذه الترعة وبنى حيطان هذا البستان وجسر عليه وزرع فيه الشتول والخضراوات، وأقام على ذلك عدّة سنين، ثم استأجره إجارة ثانية، واشترط البناء على