للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رواقا واحدا من دار الضرب، وهو الرواق ذو المحراب والشباكين المتصل برحبة الحارث، ومقداره تسع أذرع، وكان ابتداء ذلك في رجب سنة سبع وخمسين وثلاثمائة ومات قبل تمام هذه الزيادة، وتممها ابنه عليّ بن محمد، وفرغت في العشر الأخر من شهر رمضان سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة. وزاد فيه الوزير أبو الفرج يعقوب بن يوسف بن كلس بأمر العزيز بالله، الفوّارة التي تحت قبة بيت المال، وهو أوّل من عمل فيه فوّارة، وزاد فيه أيضا مساقف الخشب المحيطة بها على يد المعروف بالمقدسيّ الأطروش، متولي مسجد بيت المقدس، وذلك في سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة ونصب فيها حباب الرخام التي للماء. وفي سنة سبع وثمانين وثلاثمائة جدّد بياض المسجد الجامع وقلع شيء كثير من الفسيفساء الذي كان في أروقته، وبيض مواضعه، ونقشت خمسة ألواح وذهّبت ونصبت على أبوابه الخمسة الشرقية، وهي التي عليها الآن، وكان ذلك على يد برجوان الخادم، وكان اسمه ثابتا في الألواح فقلع بعد قتله.

وقال المسبحيّ في تاريخه، وفي سنة ثلاث وأربعمائة أنزل من القصر إلى الجامع العتيق بألف ومائتين وثمانية وتسعين مصحفا، ما بين ختمات وربعات، فيها ما هو مكتوب كله بالذهب، ومكن الناس من القراءة فيها، وأنزل إليه أيضا بتور من فضة عمله الحاكم بأمر الله برسم الجامع، فيه مائة ألف درهم فضة، فاجتمع الناس وعلّق بالجامع بعد أن قلعت عتبتا الباب حتى أدخل به، وكان من اجتماع الناس لذلك ما يتجاوز الوصف.

قال القضاعيّ: وأمر الحاكم بأمر الله بعمل الرواقين اللذين في صحن المسجد الجامع، وقلع عمد الخشب وجسر الخشب التي كانت هناك، وذلك في شعبان سنة ست وأربعمائة، وكانت العمد والجسر قد نصبها أبو أيوب أحمد بن محمد بن شجاع، في سنة سبع وخمسين ومائتين، زمن أحمد بن طولون، لأنّ الحرّ اشتدّ على الناس فشكوا ذلك إلى ابن طولون، فأمر بنصب عمد الخشب وجعل عليها الستائر في السنة المذكورة، وكان الحاكم قد أمر بأن تدهن هذه العمد الخشب بدهن أحمر وأخضر، فلم يثبت عليها، ثم أمر بقلعها وجعلها بين الرواقين. وأوّل ما عملت المقاصير في الجوامع في أيام معاوية بن أبي سفيان، سنة أربع وأربعين، ولعل قرّة بن شريك لما بنى الجامع بمصر عمل المقصورة. وفي سنة إحدى وستين ومائة، أمر المهديّ بنزع المقاصير من مساجد الأمصار، وبتقصير المنابر، فجعلت على مقدار منبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثم أعيدت بعد ذلك. ولما ولي مصر موسى بن أبي العباس من أهل الشاش، من قبل أبي جعفر اشناس، أمر المعتصم أن يخرج المؤذنون إلى خارج المقصورة، وهو أوّل من أخرجهم، وكانوا قبل ذلك يؤذنون داخلها، ثم أمر الإمام المستنصر بالله بن الظاهر بعمل الحجر المقابل للمحراب، وبالزيادة في المقصورة في شرقيها وغربيها، حتى اتصلت بالحذائين من جانبيها، وبعمل منطقة فضة في صدر المحراب الكبير أثبت عليها اسم أمير المؤمنين، وجعل لعمودي المحراب أطواق فضة، وجرى ذلك على يد عبد الله بن محمد بن عبدون، في شهر رمضان سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة.

<<  <  ج: ص:  >  >>