ست، ويقال سنة ثمان وثلاثمائة. فصلّى فيه رجل يعرف بعليّ بن أحمد بن عبد الملك الفهميّ، يعرف بابن أبي شيخة صلاة الفطر، ويقال أنه خطب من دفتر نظرا، وحفظ عنه اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلّا وأنتم مشركون. فقال بعض الشعراء:
وقام في العيد لنا خاطب ... فحرّض الناس على الكفر
وتوفي سنة تسع وثلاثمائة.
وبالجامع زوايا يدرّس فيها الفقه: منها زاوية الإمام الشافعيّ رضي الله عنه، يقال أنه درّس بها الشافعيّ فعرفت به، وعليها أرض بناحية سندبيس وقفها السلطان الملك العزيز عثمان بن السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب، ولم يزل يتولى تدريسها أعيان الفقهاء وجلة العلماء. ومنها الزاوية المجدية بصدر الجامع، فيما بين المحراب الكبير ومحراب الخمس، داخل المقصورة الوسطى بجوار المحراب الكبير، رتبها مجد الدين أبو الأشبال الحارث بن مهذب الدين أبي المحاسن مهلب بن حسن بن بركات بن عليّ بن غياث المهلبيّ الأزديّ البهنسيّ الشافعيّ، وزير الملك الأشرف موسى بن العادل أبي بكر بن أيوب بحرّان، وقرّر في تدريسها قريبه قاضي القضاة وجيه الدين عبد الوهاب البهنسيّ، وعمل على هذه الزاوية عدّة أوقاف بمصر والقاهرة، ويعدّ تدريسها من المناصب الجليلة، وتوفي المجد في صفر سنة ثمان وعشرين وستمائة بدمشق، عن ثلاث وستين سنة. ومنها الزاوية الصاحبية، حول عرفة رتبها الصاحب تاج الدين محمد بن فخر الدين محمد بن بهاء الدين بن حنا، وجعل لها مدرّسين أحدهما مالكيّ والآخر شافعيّ، وجعل عليها وقفا بظاهر القاهرة بخط البراذعيين. ومنها الزاوية الكمالية بالمقصورة المجاورة لباب الجامع الذي يدخل إليه من سوق الغزل، رتبها كمال الدين السمنوديّ، وعليها فندق بمصر موقوف عليها. ومنا الزاوية التاجية، أمام المحراب الخشب، رتبها تاج الدين السطحيّ، وجعل عليها دورا بمصر موقوفة عليها. ومنها الزاوية المعينية في الجانب الشرقيّ من الجامع، رتبها معين الدين الدهر وطيّ، وعليها وقف بمصر. ومنها الزاوية العلائية، تنسب لعلاء الدين الضرير، وهي في صحن الجامع، وهي لقراءة ميعاد. ومنها الزاوية الزينية، رتبها الصاحب زين الدين بقراءة ميعاد أيضا، ذكر ذلك ابن المتوّج. وأخبرني المقرئ الأديب المؤرخ الضابط شهاب الدين أحمد بن عبد الله بن الحسن الأوحديّ رحمه الله قال:
أخبرني المؤرّخ ناصر الدين محمد بن عبد الرحيم بن الفرات، قال: أخبرني العلامة شمس الدين محمد بن عبد الرحمن بن الصائغ الحنفيّ، أنه أدرك بجامع عمرو بن العاص بمصر قبل الوباء، الكائن في سنة تسع وأربعين وسبعمائة، بضعا وأربعين حلقة لإقراء العلم، لا تكاد تبرح منه. قال ابن المأمون: حدّثني القاضي المكين بن حيدرة وهو من أعيان الشهود بمصر، أن من جملة الخدم التي كانت بيد والده مشارقة الجامع العتيق، وأنّ القومة