للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مضمر لبيبرس السوء، وعلم بذلك خواصه فبلغ ذلك بيبرس فاستوحش من قطز وأخذ كلّ منهما يحترس من الآخر على نفسه، وينتظر الفرصة، فبادر بيبرس وواعد الأمير سيف الدين بلبان الرشيديّ، والأمير سيف الدين بيدغان الركنيّ المعروف بسم الموت، والأمير سيف الدين بلبان الهارونيّ، والأمير بدر الدين آنص الأصبهانيّ، فلما قربوا في مسيرهم من القصر بين الصالحية والسعيدية عند القرين، انحرف قطز عن الدرب للصيد، فلما قضى منه وطره وعاد والأمير بيبرس يسايره هو وأصحابه، طلب بيبرس منه امرأة من سبي التتار فأنعم عليه بها، فتقدّم ليقبل يده وكانت إشارة بينه وبين أصحابه، فعند ما رأوا بيبرس قد قبض على يد السلطان المظفر قطز، بادر الأمير بكتوت الجوكندار وضربه بسيف على عاتقه أبانه واختطفه الأمير آنص وألقاه عن فرسه إلى الأرض، ورماه بهادر المغربيّ بسهم فقتله، وذلك يوم السبت خامس عشر ذي القعدة سنة ثمان وخمسين وستمائة، ومضوا إلى الدهليز للمشورة، فوقع الاتفاق على الأمير بيبرس، فتقدّم إليه أقطاء المستعرب الجمدار المعروف بالأتابك وبايعه وحلف له، ثم بقية الأمراء وتلقب بالملك الظاهر، وذلك بمنزلة القصير.

فلما تمت البيعة وحلف الأمراء كلهم قال له الأمير أقطاي المستعرب: ياخوند «١» ، لا يتم لك أمر إلّا بعد دخولك إلى القاهرة وطلوعك إلى القلعة، فركب من وقته ومعه الأمير قلاون والأمير بلبان الرشيديّ والأمير بيلبك الخارندار، وجماعة يريدون قلعة الجبل، فلقيهم في طريقهم الأمير عز الدين أيدمر الحلبيّ نائب الغيبة عن المظفر قطز، وقد خرج لتلقيه، فأخبروه بما جرى وحلفوه، فتقدّمهم إلى القلعة ووقف على بابها حتى وصلوا في الليل فدخلوا إليها، وكانت القاهرة قد زينت لقدوم السلطان الملك المظفر قطز، وفرح الناس بكسر التتار وعود السلطان، فما راعهم وقد طلع النهار إلّا والمشّا عليّ ينادي معاشر الناس ترحموا على الملك المظفر وادعوا لسلطانكم الملك الظاهر بيبرس، فدخل على الناس من ذلك غمّ شديد ووجل عظيم، خوفا من عود البحرية إلى ما كانوا عليه من الجور والفساد وظلم الناس. فأوّل ما بدأ به الظاهر أنه أبطل ما كان قطز أحدثه من المظالم عند سفره، وهو تصقيع الأملاك وتقويمها وأخذ زكاة ثمنها في كل سنة، وجباية دينار من كلّ إنسان، وأخذ ثلث الترك الأهلية، فبلغ ذلك في السنة ستمائة ألف دينار. وكتب بذلك مسموحا قريء على المنابر في صبيحة دخوله إلى القلعة، وهو يوم الأحد سادس عشر ذي القعدة المذكور، وجلس بالإيوان وحلّف العساكر، واستناب الأمير بدر الدين بيلبك الخازندار بالديار المصرية، واستقرّ الأمير فارس الدين أقطاي المستعرب أتابكا على عادته، والأمير جمال الدين أقوش التجيبيّ أستادارا، والأمير عز الدين أيبك الأفرم الصالحيّ أمير جاندار، والأمير لاجين الدرفيل وبلبان الروميّ دوادارية، والأمير بهاء الدين يعقوب الشهرزوريّ

<<  <  ج: ص:  >  >>