استقرّ عنده أنه يظهر الروم على عورات المسلمين، ويكتب إليهم بذلك، فاستخرج منه بضعا وخمسين أردبا دنانير.
قال ابن عبد الحكم: وكان عمرو بن العاص رضي الله عنه، يبعث إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالجزية بعد حبس ما كان يحتاج إليه، وكانت فريضة مصر لحفر خلجها، وإقامة جسورها، وبناء قناطرها، وقطع جزائرها مائة ألف وعشرين ألفا معهم الطور والمساحي والأداة يعتقبون ذلك لا يدعون ذلك صيفا ولا شتاء، ثم كتب إليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أن تختم في رقاب أهل الذمّة بالرصاص، ويظهروا مناطقهم، ويجزوا نواصيهم ويركبوا على الأكف عرضا، ولا يضربوا الجزية إلا على من جرتعليه الموسى، ولا يضربوا على النساء، ولا على الولدان، ولا تدعهم يتشبهون بالمسلمين في ملبوسهم.
وعن يزيد بن أسلم: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى أمراء الأجناد: أن لا يضربوا الجزية إلا على من جرت عليه الموسى، وجزيتهم أربعون درهما على أهل الورق، وأربعة دنانير على أهل الذهب، وعليهم من أرزاق المسلمين من الحنطة والزيت مدّان من حنطة، وثلاثة أقساط من زيت في كل شهر لكل إنسان من أهل الشام، والجزيرة، وودك «١» وعسل لا أدري كم هو، ومن كان من أهل مصر، فأردب في كل شهر لكل إنسان، ولا أدري كم الودك والعسل، وعليهم من البز الكسوة التي يكسوها أمير المؤمنين الناس ويضيفون من نزل بهم من أهل الإسلام ثلاثة أيام وعلى أهل العراق خمسة عشر صاعا لكل إنسان، ولا أدري كم لهم من الودك، وكان لا يضرب الجزية على النساء والصبيان، وكان يختم في أعناق رجال أهل الجزية، وكانت ويبة عمر في ولاية عمرو بن العاص: ستة أمداد.
قال: وكان عمرو بن العاص، لما استوثق له الأمر أقرّ قبطها على جباية الروم، فكانت جبايتهم بالتعديل إذا عمرت القرية، وكثر أهلها زيد عليهم، وإن قل أهلها وخربت نقصوا، فيجتمع عرّافوا كل قرية وأمراءها ورؤساء أهلها فيتناظرون في العمارة والخراب حتى إذا أقرّوا من القسم بالزيادة انصرفوا بتلك القسمة إلى الكور، ثم اجتمعوا هم ورؤساء القرى، فوزعوا ذلك على احتمال القرى وسعة المزارع، ثم يجتمع كل قرية بقسمهم فيجمعون قسمهم وخراج كل قرية، وما فيها من الأرض العامرة، فيبتدئون ويخرجون من الأرض فدّادين لكنائسهم وحماياتهم ومعدياتهم من جملة الأرض، ثم يخرج منها عدد الضيافة للمسلمين، ونزول السلطان فإذا فرغوا نظروا لما في كل قرية من الصناع والأجراء فقسموا عليهم بقدر احتمالهم، فإن كانت فيهم جالية قسموا عليها بقدر احتمالها، وقلما كانت تكون إلا لرجل الشاب أو المتزوج ثم ينظرون ما بقي من الخراج، فيقسمونه بينهم