بعد حضوره منها، وأضيفت الوزارة إلى القاضي علم الدين بن زنبور ناظر الخاص، فلم يزل منجك مسجونا بالإسكندرية إلى أن خلع الملك الناصر حسن وأقيم بدله في المملكة أخوه الملك الصالح صالح، فأمر بالإفراج عن الأمير شيخو والأمير منجك فحضرا إلى القاهرة في رجب سنة اثنتين وخمسين، ولما استقرّ الأمير منجك بالقاهرة بعث إليه الأمير شيخو خمس رؤوس خيل وألفي دينار، وبعث إليه جميع الأمراء بالتقادم، وأقام بطالا يجلس على حصير فوقه ثوب سرج عتيق، وكلما أتاه أحد من الأمراء يبكي ويتوجع ويقول أخذ جميع مالي حتى صرت على الحصير، ثم كتب فتوى تتضمن أن رجلا مسجونا في قيد هدّد بالقتل إن لم يبع أملاكه، وأنّه خشي على نفسه القتل، فوكل في بيعها. فكتب له الفقهاء لا يصح بيع المكره. ودار على الأمراء وما زال بهم حتى تحدّثوا له مع السلطان في ردّ أملاكه عليه، فعارضهم الأمير صرغتمش، ثم رضي أن يردّ عليه من أملاكه ما أنعم به السلطان على مماليكه، فاستردّ عدّة أملاك وأقام إلى أن قام يلبغاروس بحلب فاختفى منجك وطلب فلم يوجد، وأطلق النداء عليه بالقاهرة ومصر وهدّد من أخفاه، وألزم عربان العائد باقتفاء أثره فلم يوقف له على خبر، وكبس عليه عدّة أماكن بالقاهرة ومصر وفتش عليه حتى في داخل الصهريج الذي بجامعه فأعيى أمره، وأدرك السلطان السفر لحرب يلبغاروس فشرع في ذلك إلى يوم الخميس رابع شعبان، فخرج الأمير طاز بمن معه.
وفي يوم الاثنين سابعه، عرض الأمير شيخو والأمير صرغتمش أطلابهما، وقد وصل الأميرا طاز إلى بلبيس فحضر إليه من أخبره أنه رأى بعض أصحاب منجك، فسير إليه وأحضره وفتشه فوجد معه كتاب منجك إلى أخيه يلبغاروس، وفيه أنه مختف عند الحسام الصفديّ استاداره، فبعث الكتاب إلى الأمير شيخو فوافاه والأطلاب خارجة، فاستدعى بالحسام وسأله فأنكر فعاقبه الأمير صرغتمش فلم يعترف، فركب إلى بيت الحسام بجوار الجامع الأزهر وهجمه فإذا بمنجك ومعه مملوك، فكتفه وسار به مشهورا بين الناس وقد هرعوا من كلّ مكان إلى القلعة، فسجن بالإسكندرية إلى أن شفع فيه الأمير شيخو فأفرج عنه في ربيع الأوّل سنة خمس وخمسين، ورسم أن يتوجه إلى صفد بطالا، فسار إليها من غير أن يعبر إلى القاهرة، فلما خلع الملك الصالح صالح وأعيد السلطان حسن في شوّال منها، نقل منجك من صفد وأنعم عليه بنيابة طرابلس عوضا عن أيتمش الناصريّ، فسار إليها وأقام بها إلى أن قبض على الأمير طاز نائب حلب في سنة تسع وخمسين، فولي منجك عوضا عنه ولم يزل بحلب إلى أن فرّ منها في سنة ستين، فلم يعرف له خبر، وعوقب بسببه خلق كثير، ثم قبض عليه بدمشق في سنة إحدى وستين فحمل إلى مصر وعليه بشت صوف عسليّ، وعلى رأسه مئزر صوف، فلم يؤاخذه السلطان وأعطاه إمرة طبلخاناه ببلاد الشام، وجعله طرخاناه يقيم حيث شاء من البلاد الإسلامية، وكتب له بذلك. فلما قتل السلطان حسن وأقيم من بعده في المملكة الملك المنصور محمد بن المظفر حاجي في جمادى الأولى سنة