للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خذها إليك وأحذرنّ أبا الحسن ... إنا نمرّ الحرب إمرار الوسن

بالسيف كي تخمد نيران الفتن

فلما دخلوا المسجد صاحوا إنا لسنا قتلة عثمان ولكن الله قتله. فلما رأى ذلك شيعة عثمان قاموا وعقدوا لمعاوية بن خديج عليهم وبايعوه على الطلب بدم عثمان، فسار بهم معاوية إلى الصعيد، فبعث إليهم ابن أبي حذيفة فالتقوا بدقناس من كورة البهنسا فهزم أصحاب ابن أبي حذيفة، ومضى معاوية حتى بلغ برقة، ثم رجع إلى الاسكندرية فبعث ابن أبي حذيفة بحيش آخر عليهم قيس بن حرمل فاقتتلوا بخربتا أوّل شهر رمضان سنة ست وثلاثين، فقتل قيس وسار معاوية بن أبي سفيان إلى مصر، فنزل سلمنت من كورة عين شمس في شوّال، فخرج إليه ابن أبي حذيفة في أهل مصر، فمنعوه أن يدخلها، فبعث إليه معاوية إنّا لا نريد قتال أحد إنما جئنا نسأل القود لعثمان، ادفعوا إلينا قاتليه عبد الرحمن بن عديس وكنانة بن بشر، وهما رأس القوم، فامتنع ابن أبي حذيفة وقال لو طلبت منا جديا أرطب السرة بعثمان ما دفعناه إليك. فقال معاوية بن أبي سفيان لابن أبي حذيفة: اجعل بيننا وبينكم رهنا، فلا يكون بيننا وبينكم حرب. فقال ابن أبي حذيفة: فإني أرضى بذلك، فاستخلف ابن أبي حذيفة على مصر الحكم بن الصلت بن مخرمة وخرج في الرهن، هو وابن عيسى. وكنانة بن بشر وأبو شمر بن أبرهة وغيرهم من قتلة عثمان، فلما بلغوا لدّ سجنهم بها معاوية وسار إلى دمشق، فهربوا من السجن، غير أبي شمر بن أبرهة فإنه قال:

لا أدخله أسيرا وأخرج منه آبقا، وتبعهم صاحب فلسطين فقتلهم، واتبع عبد الرحمن بن عديس رجل من الفرس فقال له عبد الرحمن بن عديس: اتق الله في دمي فإني بايعت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم تحت الشجرة، فقال له: الشجر في الصحراء كثير فقتله.

وقال محمد بن أبي حذيفة في الليلة التي قتل في صباحها عثمان: فإن يكن القصاص لعثمان فسنقتل من الغد، فقتل من الغد، وكان قتل ابن أبي حذيفة وعبد الرحمن بن عديس وكنانة بن بشر ومن كان معهم من الرهن في ذي الحجة سنة ست وثلاثين. فلما بلغ عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه مصاب بن أبي حذيفة، بعث قيس بن سعد بن عبادة الأنصاريّ على مصر وجمع له الخراج والصلاة، فدخلها مستهلّ شهر ربيع الأوّل سنة سبع وثلاثين، واستمال الخارجية بخربتا ودفع إليهم أعطياتهم، ووفد عليه وفدهم فأكرمهم وأحسن إليهم، ومصر يومئذ من جيش عليّ رضي الله عنه إلّا أهل خربتا الخارجين بها. فلما ولي علي رضي الله عنه قيس بن سعد، وكان من ذوي الرأي، جهد معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص على أن يخرجاه من مصر ليغلبا على أمرها، فامتنع عليهما بالدهاء والمكايدة، فلم يقدرا على أن يلجأ مصر حتى كان معاوية قيسا من قبل عليّ رضي الله عنه، فكان معاوية يحدّث رجالا من ذوي رأي قريش فيقول: ما ابتدعت من مكايدة قط أعجب إليّ من مكايدة كدت بها قيس بن سعد حين امتنع مني، قلت لأهل الشام لا تسبوا قيسا ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>