معهم، ولا يكسر ذلك خراجا وهي بلبيس. فإن رأى أمير المؤمنين أن ينزلها هذا الحي من قيس، فليفعل.
فكتب إليه هشام: أنت وذاك، فبعث إلى البادية فقدم عليه مائة أهل بيت من بني نضر، ومائة أهل بيت من بني سليم، فأنزلهم بلبيس، وأمرهم بالزرع، ونظر إلى الصدقة من العشور فصرفها إليهم، فاشتروا إبلا فكانوا يحملون الطعام إلى القلزم، وكان الرجل يصيب في الشهر العشرة دنانير وأكثر، ثم أمرهم باشتراء الخيول فجعل الرجل يشتري المهر، فلا يمكث إلّا شهرا حتى يركب، وليس عليهم مؤونة في علف إبلهم ولا خيلهم لجودة مرعاهم.
فلما بلغ ذلك عامة قومهم تحملوا إليهم فوصل إليهم خمسمائة أهل بيت من البادية، فكانوا على مثل ذلك فأقاموا سنة فأتاهم نحو من خمسمائة أهل بيت، فصار ببلبيس: ألف وخمسمائة أهل بيت من قيس، حتى إذا كان زمن مروان بن محمد، وولى الحوثرة بن سهيل الباهلي مصر. مالت إليه قيس فمات مروان، وبها ثلاث آلاف أهل بيت، ثم توالدوا وقدم عليهم من البادية من قدم.
وفي سنة ثمان وسبعين ومائة، كشف إسحاق بن سليمان بن عليّ بن عبد الله بن عباس أمير مصر أمر الخراج، وزاد على المزارعين زيادة أجحفت بهم، فخرج عليهم أهل الحوف وعسكروا فبعث إليهم الجيوش، وحاربهم فقتل من الجيش جماعة، فكتب إلى أمير المؤمنين: هارون الرشيد يخبره بذلك، فعقد لهرثمة بن أعين في جيش عظيم، وبعث به إلى مصر، فنزل الحوف وتلقاه أهله بالطاعة، وأذعنوا بأداء الخراج فقبل هرثمة منهم واستخرج خراجه كله، ثم إن أهل الحوف خرجوا على الليث بن الفضل البيودي أمير مصر، وذلك أنه بعث بمساح يمسحون عليهم أراضي زرعهم، فانتقصوا من القصبة «١» أصابع فتظلم الناس إلى الليث، فلم يسمع منهم فعسكروا، وساروا إلى الفسطاط، فخرج إليهم الليث في أربعة آلاف من جند مصر في شعبان سنة ست وثمانين ومائة، فالتقى معهم في رمضان فانهزم عنه الجند في ثاني عشره وبقي في نحو المائتين، فحمل بمن معه على أهل الحوف، فهزمهم حتى بلغ بهم غيفة، وكان التقاؤهم على أرض جب عميرة، وبعث الليث إلى الفسطاط بثمانين رأسا من رؤوس القيسية، ورجع إلى الفسطاط، وعاد أهل الحوف إلى منازلهم، ومنعوا الخراج.
فخرج ليث إلى أمير المؤمنين هارون الرشيد في محرم سنة سبع وثمانين ومائة، وسأله أن يبعث معه بالجيوش فإنه لا يقدر على استخراج الخراج من أهل الحوف إلا بجيش يبعث معه، وكان محفوظ بن سليم بباب الرشيد، فرفع محفوظ إلى الرشيد يضمن له خراج مصر