وشرك. وأقرب فرق الخوارج أصحاب عبد الله بن يزيد الإباضيّ، وأبعدهم الأزارقة. وأما البطيخية ومن جحد شيئا من القرآن أو فارق الإجماع من العجاردة وغيرهم فكفار بإجماع الأمّة، وقد انحصرت الفرق الهالكة في عشر طوائف:
الفرقة الأولى المعتزلة: الغلاة في نفي الصفات الإلهية، القائلون بالعدل والتوحيد، وأن المعارف كلها عقلية، حصولا ووجوبا، قبل الشرع وبعده، وأكثرهم على أن الإمامة بالاختيار، وهم عشرون فرقة: إحداها الواصلية: أصحاب واصل بن عطاء أبي حذيفة الغزال، مولى بني ضبة، وقيل مولى بني مخزوم. ولد بالمدينة سنة ثمانين، ونشأ بالبصرة، ولقي أبا هاشم عبد الله بن محمد ابن الحنفية، ولازم مجلس الحسن بن الحسين البصريّ، وأكثر من الجلوس بسوق الغزل ليعرف النساء المتعففات فيصرف إليهنّ صدقته، فقيل له الغزال من أجل ذلك، وكان طويل العنق جدّا، حتى عابه عمرو بن عبيد بذلك فقال: من هذه عنقه لا خير عنده. فلما برع واصل، قال عمر: وربما أخطأت الفراسة. وكان يلثغ بالراء، ومع ذلك كان فصيحا لسنا مقتدرا على الكلام، قد أخذ بجوامعه، فلذلك أمكنه أن أسقط حرف الراء من كلامه، واجتناب الحروف صعب جدّا، لا سيما مثل الراء لكثرة استعمالها، وله رسالة طويلة لم يذكر فيها حرف الراء، أحد بدائع الكلام، وكان لكثرة صمته يظنّ به الخرس، توفي سنة إحدى وثلاثين ومائة، وله كتاب المنزلة بين المنزلتين، وكتاب الفتيا، وكتاب التوحيد. وعنه أخذ جماعة، وأخباره كثيرة، ويقال لهم أيضا الحسنية، نسبة إلى الحسن البصريّ. وأخذ واصل العلم عن أبي هاشم عبد الله بن محمد ابن الحنفية، وخالفه في الإمامة، واعتزاله يدور على أربع قواعد هي: نفي الصفات، والقول بالقدر، والقول بمنزلة بين المنزلتين، وأوجب الخلود في النار على من ارتكب كبيرة. فلما بلغ الحسن البصريّ عنه هذا قال: هؤلاء اعتزلوا، فسموا من حينئذ المعتزلة. وقيل أن تسميتهم بذلك حدثت بعد الحسن، وذلك أن عمرو بن عبيد لما مات الحسن وجلس قتادة مجلسه اعتزله في نفر معه، فسماهم قتادة المعتزلة. القاعدة الرابعة القول بأن إحدى الطائفتين من أصحاب الجمل وصفين مخطئة لا بعينها، وكان في خلافة هشام بن عبد الملك.
والثانية العمروية: أصحاب عمرو، ومن قوله ترك قول عليّ بن أبي طالب وطلحة والزبير رضي الله عنهم. وقال ابن منبه: اعتزل عمرو بن عبيد وأصحاب له الحسن، فسموا المعتزلة.
والثالثة الهذلية: اتباع أبي الهذيل محمد بن الهذيل العلاف شيخ المعتزلة، أخذ عن عثمان بن خالد الطويل، عن واصل بن عطاء، ونظر في الفلسفة ووافقهم في كثير وقال:
جميع الطاعات من الفرائض والنوافل إيمان، وانفرد بعشر مسائل وهي: أن علم الله وقدرته وحياته هي ذاته، وأثبت إرادات لا محل لها يكون الباري مريدا لها. وقال: بعض كلام الله