وقال: لو عذب الله الطفل الصغير لكان ظالما، وهو يقدر على ذلك. وقال: إرادة الله من جملة أفعال، ثم هي تنقسم إلى صفة فعل وصفة ذات. وقال: باللطف المخزون، وأن الله لم يخلقه لأنّ ذلك يوجب عليه الثواب، وأن التوبة الأولى متوقفة على الثانية، وأنها لا تنفع إلّا بعدم الوقوع في الذي وقع فيه، فإن وقع لم تنفعه التوبة الأولى.
والتاسعة المزدارية: أتباع أبي موسى عيسى بن صبيح المعروف بالمزدار، تلميذ بشر بن المعتمر، وكان زاهدا، وقيل له راهب المعتزلة، وانفرد بمسائل منها. قوله أنّ الله قادر على أن يظلم ويكذب، ولا يطعن ذلك في الربوبية، وجوّز وقوع الفعل الواحد من فاعلين على سبيل التولد، وزعم أن القرآن مما يقدر عليه، وأن بلاغته وفصاحته لا تعجز الناس بل يقدرون على الإتيان بمثلها وأحسن منها، وهو أصل المعتزلة في القول بخلق القرآن. وقال: من أجاز رؤية الله بالإبصار بلا كيف فهو كافر، والشاكّ في كفره كافر أيضا.
والعاشرة الهشامية: أتباع هشام بن عمرو الفوطيّ، الذي يبالغ في القدر ولا ينسب إلى الله فعلا من الأفعال، حتى أنه أنكر أن يكون الله هو الذي ألف بين قلوب المؤمنين، وأنه يحب الإيمان للمؤمنين، وأنه أضل الكافرين. وعاند ما في القرآن من ذلك وقال: لا تنعقد الإمامية في زمن الفتنة واختلاف الناس، وأن الجنة والنار غير مخلوقتين. ومنع أن يقال حسبنا الله ونعم الوكيل، وقال لأن الوكيل دون الموكل، وقال: لو أسبغ أحد الوضوء، ودخل فيه الصلاة بنيّة القربة لله تعالى، والعزم على إتمامها، وركع وسجد مخلصا في ذلك كله، إلّا أنّ الله علم أنه يقطعها في آخرها، فإن أوّل صلاته معصية. ومنع أن يكون البحر انفلق لموسى، وأن عصاه انقلبت حية، وأن عيسى أحيى الموتى، بإذن الله، وأن القمر انشق للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وأنكر كثيرا من الأمور التي تواترت، كحصر عثمان بن عفان رضي الله عنه، وقتله بالغلبة. وقال: إنما جاءته شرذمة قليلة تشكو عمّاله ودخلوا عليه وقتلوه، فلا يدري قاتله. وقال: إنّ طلحة والزبير وعليّ بن أبي طالب رضي الله عنهم، ما جاؤوا للقتال في حرب الجمل، وإنما برزوا للمشاورة، وتقاتل أتباع الفريقين في ناحية أخرى، وأن الأمّة إذا اجتمعت كلها وتركت الظلم والفساد احتاجت إلى إمام يسوسها، فأما إذا عصت وفجرت وقتلت واليها فلا تنعقد الإمامة لأحد، وبنى على ذلك أنّ إمامة عليّ رضي الله عنه لم تنعقد، لأنها كانت في حال الفتنة بعد قتل عثمان، وهو أيضا مذهب الأصم وواصل بن عطاء وعمرو بن عبيد، وأنكر افتضاض الأبكار في الجنة، وأنكر أن الشيطان يدخل في الإنسان وإنما يوسوس له من خارج، والله يوصل وسوسته إلى قلب ابن آدم. وقال: لا يقال خلق الله الكافر، لأنه اسم العبد والكفر جميعا، وأنكر أن يكون في أسماء الله الضارّ النافع.
والحادية عشر الحائطية: اتباع أحمد بن حائط أحد أصحاب إبراهيم بن سيار النظّام وله بدع شنيعة منها: أنّ للخلق إلهين، أحدهما خالق وهو الإله القديم، والآخر مخلوق