والفرقة الثالثة الخطابية: أتباع أبي الخطاب محمد بن أبي ثور، وقيل محمد بن أبي يزيد الأجدع، ومذهبه الغلوّ في جعفر بن محمد الصادق، وهو أيضا من المشبهة، وأتباعه خمسون فرقة، وكلهم متفقون على أن الأئمة مثل عليّ وأولاده كلهم أنبياء، وأنه لا بدّ من رسولين لكلّ أمّة، أحدهما ناطق والآخر صامت، فكان محمد ناطقا وعليّ صامتا، وأن جعفر بن محمد الصادق كان نبيا، ثم انتقلت النبوّة إلى أبي الخطاب الأجدع، وجوّزوا كلهم شهادة الزور لموافقيهم، وزعموا أنهم عالمون بما هو كائن إلى يوم القيامة، وقالت المعمرية: منهم الإمام بعد أبي الخطاب رجل اسمه معمر، وزعموا أن الدنيا لا تفنى، وأن الجنة هي ما يصيبه الإنسان من الخير في الدنيا، والنار ضدّ ذلك، وأباحوا شرب الخمر والزنى وسائر المحرّمات، ودانوا بترك الصلاة، وقالوا بالتناسخ، وأن الناس لا يموتون وإنما ترفع أرواحهم إلى غيرهم. وقالت البزيغية منهم: أن جعفر بن محمد إله وليس هو الذي يراه الناس وإنما تشبه على الناس، وزعموا أن كلّ مؤمن يوحى إليه، وأنّ منهم من هو خير من جبريل وميكائيل ومحمد صلّى الله عليه وسلّم، وزعموا أنهم يرون أمواتهم بكرة وعشيا. وقالت العميرية منهم أتباع عمير بن بيان العجليّ مثل ذلك كله، وخالفوهم في أن الناس لا يموتون، وافترقت الخطابية بعد قتل أبي الخطاب فرقا، منها فرقة زعمت أن الإمام بعد أبي الخطاب، عمير بن بيان العجليّ، ومقالتهم كمقالة البزيغية، إلّا أن هؤلاء اعترفوا بموتهم ونصبوا خيمة على كناسة الكوفة يجتمعون فيها على عبادة جعفر الصادق، فبلغ ذلك يزيد بن عمير، فصلب عمير بن بيان في كناسة الكوفة، ومن فرقهم المفضلية، أتباع مفضل الصيرفيّ، زعم أن جعفر بن محمد إله، فطرده ولعنه، وزعمت الخطابية بأجمعها أن جعفر بن محمد الصادق أودعهم جلدا يقال له جفر، فيه كلّ ما يحتاجون إليه من علم الغيب وتفسير القرآن، وزعموا لعنهم الله، أن قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً
معناه عائشة أمّ المؤمنين رضي الله عنها، القائلون بإمامته وإمامة من اجتمع فيه ست خصال، العلم والزهد والشجاعة، وأن يكون من أولاد فاطمة الزهراء رضي الله عنها حسنيا أو حسينيا، ومنهم من زاد صباحة الوجه، وأن لا يكون فيه آفة، وهم يوافقون المعتزلة في أصولهم كلها إلّا في مسألة الإمامة، وأخذ مذهب زيد بن عليّ عن واصل بن عطاء، وكان يفضل عليا على أبي بكر وعمر مع القول بإمامتهما، وهم أربع فرق: الجارودية، أتباع أبي الجارود، ويكنّى أبا النجم زياد بن المنذر العبديّ، زعم أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم نص على إمامة عليّ بالوصف لا بالتسمية، وأن الناس كفروا بتركهم مبايعة عليّ رضي الله عنه، والحسن والحسين وأولادهما. والجريرية أتباع سليم بن جرير، ومن قوله لم يكفر الناس بتركهم مبايعة عليّ، بل أخطأوا بترك الأفضل وهو عليّ، وكفّروا الجارودية بتكفيرهم الصحابة، إلا أنهم كفّروا عثمان بن عفان بالأحداث التي أحدثها وقالوا: لم ينص عليّ على إمامة أحد، وصار الأمر من بعده شورى، ومنهم البترية أتباع الحسن بن صالح بن كثير الأبتر، وقولهم أنّ عليا أفضل