وفي مستهل المحرّم بثلاثمائة ألف دينار، فاتضع الارتفاع وعظمت الواجبات.
وقال ابن ميسرة: وأمر الأفضل بن أمير الجيوش بعمل تقدير ارتفاع ديار مصر، فجاء خمسة آلاف دينار وكان متحصل الأهراء ألف ألف أردب، وقال الأمير جمال الدين والملك موسى بن المأمون البطائحيّ في تاريخه من حوادث سنة إحدى وخمسمائة ثم رأى القائد أبو عبد الله محمد بن فاتك البطائحي من اختلال أحوال الرجال العسكرية والمقطعين، وتضررهم من كون إقطاعاتهم قد خس ارتفاعها، وساءت أحوالهم لقلة المتحصل منها وإن إقطاعات الأمراء قد تضاعف ارتفاعها، وازدادت عن غيرها، وإن في كل ناحية من الفواضل للديوان جملة تجيء بالعسف، وبتردّد الرسل من الديوان الشريف بسببها، فخاطب الأفضل ابن أمير الجيوش: في أن يحل الإقطاعات جميعها ويروكها وعرّفه أن المصلحة في ذلك تعود على المقطعين والديوان لأنّ الديوان يتحصل له من هذه الفواضل جملة يحصل بها بلاد مقورة، فأجاب إلى ذلك، وحلّ جميع الإقطاعات وراكها وأخذ كل من الأقوياء والمميزين يتضررون، ويذكرون أن لهم بساتين وأملاكا ومعاصر في نواحيهم فقال له: من كان له ملك فهو باق عليه لا يدخل في الإقطاع وهو محكم إن شاء باعه، وإن شاء آجره.
فلما حلت الإقطاعات أمر الضعفاء من الأجناد أن يتزايدوا فيها فوقعت الزيادة في إقطاعات الأقوياء إلى أن انتهت إلى مبلغ معلوم، وكتبت السجلات بأنها باقية في أيديهم إلى مدّة ثلاثين سنة لا يقبل عليهم فيها زائد وأحضر الأقوياء وقال لهم: ما تكرهون من الإقطاعات التي كانت بيد الأجناد؟ قالوا: كثرة عبرتها وقلة متحصلها وخرابها، وقلة الساكن بها. فقال لهم: ابذلوا في كل ناحية ما تحمله، وتقوى رغبتكم فيه ولا تنظروا في العبرة الأولى، فعند ذلك طابت نفوسهم، وتزايدوا فيها إلى أن بلغت إلى الحدّ الذي رغب كل منهم فيه، فأقطعوا به وكتب لهم السجلات على الحكم المتقدّم، فشملت المصلحة الفريقين، وطابت نفوسهم وحصل للديوان بلاد مقورة بما كان مفرّقا في الإقطاعات بما مبلغه خمسون ألف دينار.
وقال في حوادث سنة خمس عشرة وخمسمائة، وكان قد تقدّم أمر الأجلّ المأمون بعمل حساب الدولة من الهلالي والخراجيّ، وجعل نظمه على جملتين: إحداهما إلى سنة عشر وخمسمائة الهلالية الخراجية، والجملة الثانية إلى آخر سنة خمس عشرة وخمسمائة هلالية، وما يوافقها من الخراجية فعقدت على جملة كثيرة من العين والأصناف، وشرحت بأسماء أربابها، وتعيين بلادها. فلما أحضرت أمر بكتب سجل يتضمن المسامحة بالبواقي إلى آخر سنة عشر وخمسمائة، ونسخته بعد التصدير.
ولما انتهى إلينا حال المعاملين، والضمناء والمتصرفين وما في جهاتهم من بقايا معاملاتهم أنعمنا بما تضمنه هذا السجل من المسامحة قصدا في استخلاص ضامن طالت