للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوع الصلح، وتسلم المسلمون مدينة دمياط في تاسع عشري رجب سنة ثمان عشرة وستمائة، بعد ما أقامت بيد الفرنج سنة وأحد عشر شهرا تنقص ستة أيام، وسار الفرنج إلى بلادهم، وعاد السلطان إلى قلعة الجبل. وأخرج كثيرا من الأمراء الذين وافقوا ابن المشطوب من القاهرة إلى الشام، وفرّق أخبازهم على مماليكه، ثم تخوّف من أمرائه في سنة إحدى وعشرين بميلهم إلى أخيه الملك المعظم، فقبض على جماعة منهم وكاتب أخاه الملك الأشرف في موافقته على المعظم، فقويت الوحشة بين الكامل والمعظم، واشتدّ خوف الكامل من عسكره وهمّ أن يخرج من القاهرة لقتال المعظم فلم يجسر على ذلك، وقدم الأشرف إلى القاهرة فسرّ بذلك سرورا كثيرا وتحالفا على المعاضدة، وسافر من القاهرة فمال مع المعظم، فتحير الكامل في أمره وبعث إلى ملك الفرنج يستدعيه إلى عكا، ووعده بأن يمكنه من بلاد الساحل، وقصد بذلك أن يشغل سرّ أخيه المعظم.

فلما بلغ ذلك المعظم خطب للسلطان جلال الدين الخوارزميّ وبعث يستنجد به على الكامل، وأبطل الخطبة للكامل، فخرج الكامل من القاهرة يريد محاربته في رمضان سنة أربع وعشرين، وسار إلى العباسة، ثم عاد إلى قلعة الجبل وقبض على عدّة من الأمراء ومماليك أبيه لمكاتبتهم المعظم، وأنفق في العسكر، فاتفق موت الملك المعظم في سلخ ذي القعدة، وقيام ابنه الملك الناصر داود بسلطنة دمشق، وطلبه من الكامل الموادعة، فبعث إليه خلعة سنية وسنجقا سلطانيا وطلب منه أن ينزل له عن قلعة الشوبك، فامتنع الناصر من ذلك، فوقعت المنافرة بينهما وعهد الملك الكامل إلى ابنه الملك الصالح نجم الدين أيوب وأركبه بشعار السلطنة وأنزله بدار الوزارة، وخرج من القاهرة في العساكر يريد دمشق، فأخذنا بلس والقدس، فخرج الناصر داود من دمشق ومعه عمه الأشرف، وسارا إلى الكامل يطلبان منه الصلح، فلما بلغ ذلك الكامل رحل من نابلس يريد القاهرة، فقدمها الناصر والأشرف، وأقام بها الناصر وسار الأشرف والمجاهد إلى الكامل فأدركاه بتل العجوز، فأكرمهما وقرّر مع الأشرف انتزاع دمشق من الناصر وإعطاءها للأشرف، على أن يكون للكامل ما بين عقبة أفيق إلى القاهرة، وللأشرف من دمشق إلى عقبة أفيق، وأن يعين بجماعة من ملوك بني أيوب، فاتفق قدوم الملك الأنبرطور إلى عكا باستدعاء الملك الكامل له، فتحير الكامل في أمره لعجزه عن محاربته وأخذ يلاطفه، وشرع الفرنج في عمارة صيدا وكانت مناصفة بين المسلمين والفرنج وسورها خراب، فلما بلغ الناصر موافقة الأشرف للكامل عاد من نابلس إلى دمشق واستعدّ للحرب، فسار إليه الأشرف من تل العجوز وحاصره بدمشق، وأقام الكامل بتل العجوز وقد تورط مع الفرنج فلم يجد بدّا من إعطائهم القدس على أن لا يجدّد سوره وأن تبقى الصخرة والأقصى مع المسلمين، ويكون حكم قرى القدس إلى المسلمين، وأن القرى التي فيما بين عكا ويافا وبين لد والقدس للفرنج، وانعقدت الهدنة على ذلك لمدّة عشر سنين وخمسة أشهر وأربعين يوما، أولها ثامن ربيع

<<  <  ج: ص:  >  >>