السنة المذكورة، فثار عليه المماليك السلطانية بسبب تأخر كسوتهم، ورموه من أعلى القلعة بالحجارة وأحاطوا به وضربوه يريدون قتله، لولا أن شاء الله أغاثه بوصول الخبر إلى الأمير الكبير ايتمش، وكان يسكن قريبا من القلعة، فركب بنفسه وساق حتى أدركه وفرّق عنه المماليك، وسار به إلى منزله حتى سكنت الفتنة، ثم شيعه إلى داره. فكانت هذه الواقعة مبدأ انحلال أمره، فإن السلطان صرفه عن الأستادارية وولى الأمير الوزير ركن الدين عمر بن قايماز في يوم الخميس رابع عشرة، وخلع على الأمير محمود قباء بطرز ذهب، واستقرّ على أمرته، ثم صرف ابن قايماز عن الأستادارية وأعيد محمود في يوم الاثنين خامس عشر رمضان، وأنعم على ابن قايماز بإمرة طلبخاناه، فجدّد بثغر الإسكندرية دار ضرب عمل فيها فلوس ناقصة الوزن، ومن حينئذ اختل حال الفلوس بديار مصر. ثم لما خرج الملك الظاهر إلى البلاد الشامية في سنة ست وتسعين، سار في ركابه، ثم حضر إلى القاهرة في يوم الأربعاء سابع صفر سنة سبع وتسعين وسبعمائة قبل حضور السلطان، وكان دخوله يوما مشهودا، فلما عاد السلطان إلى قلعة الجبل حدث منه تغير على الأمير محمود في يوم السبت ثالث عشري ربيع الأوّل، وهمّ بالإيقاع به، فلما صار إلى داره بعث إليه الأمير علاء الدين عليّ بن الطبلاويّ يطلب منه خمسمائة ألف دينار، وإن توقف يحيط به ويضربه بالمقارع، فنزل إليه وقرّر الحال على مائة وخمسين ألف دينار، فطلع على العادة إلى القلعة في يوم الاثنين خامس عشريه، فسبه المماليك السلطانية ورجموه، ثم إن السلطان غضب عليه وضربه في يوم الاثنين ثالث ربيع الآخر بسبب تأخر النفقة، وأخذ أمره ينحل، فولى السلطان الأمير صلاح الدين محمد ابن الأمير ناصر الدين محمد بن الأمير تنكز أستادارية الأملاك السلطانية، في يوم الاثنين خامس رجب، وولى علاء الدين عليّ بن الطبلاويّ في رمضان التحدّث في دار الضرب بالقاهرة والإسكندرية، والتحدّث في المتجر السلطانيّ، فوقع بينه وبين الأمير محمود كلام كثير ورافعه ابن الطبلاويّ بحضرة السلطان، وخرّج عليه من دار الضرب ستة آلاف درهم فضة، فألزم السلطان محمودا بحمل مائة وخمسين ألف دينار، فحملها وخلع عليه عند تكميله حملها في يوم الأحد تاسع عشري رمضان، وخلع أيضا على ولده الأمير ناصر الدين، وعلى كاتبه سعد الدين إبراهيم بن غراب الإسكندرانيّ، وعلى الأمير علاء الدين عليّ بن الطبلاويّ، ثم إن محمود أوعك بدنه فنزل إليه السلطان في يوم الاثنين ثالث عشر ذي القعدة يعوده، فقدّم له عدّة تقادم قبل بعضها وردّ بعضها، وتحدّث الناس أنه استقلها. فلما كان يوم السبت سادس صفر سنة ثمان وتسعين بعث السلطان إلى الأمير محمود الطواشي شاهين الحسني فأخذ زوجتيه وكاتبه سعد الدين إبراهيم بن غراب، وأخذ مالا وقماشا على حمالين وصار بهما إلى القلعة، هذا ومحمود مريض لازم الفراش، ثم عاد من يومه وأخذ الأمير ناصر الدين محمد بن محمود وحمله إلى القلعة، ثم نزل ابن غراب ومعه الأمير الي باي الخازندار في يوم الأحد سابعه، وأخذا من ذخيرة بدار محمود خمسين ألف دينار، وفي يوم الخميس حادي عشرة صرف محمود عن الأستادارية واستقرّ عوضه