للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخرج معه عدول يوثق بهم، وكانت لهم معرفة بعلم الخراج وكثيرا ما كان هذا الكاتب من النصارى الأقباط ويخرج إلى كل ناحية من ذكرنا، فيحرّرون مساحة ما شمله الريّ من الأراضي مما لعله بار أو شرق.

ويكتب بذلك مكلفات واضحة بالفدن، والقطائع على جميع الأصناف المزروعة، ويحضر إلى دواوين الباب. فإذا مضى من السنة القبطية أربعة أشهر ندب من الأجناد من عرف بالحماسة وقوّة البطش، وعين معه من الكتاب العدول من قد اشتهر بالأمانة، وكاتب من نصارى القبط غير من خرج عند المساحة، وساروا إلى كل ناحية. كذلك فاستخرج مباشر وأكل بلد ثلث ما وجب من مال الخراج على ما شهدت به المكلفات، فإذا أحضر هذا الثلث صرف في واجبات العساكر، وهكذا العمل في استخراج كل قسط طول الزمان من كل سنة، وكانت تبقى في جهات الضمان والمتقبلين جملة بواق.

وكانت بلاد مصر إذ ذاك تقبل بعين وغلة وأصناف، وقد عرف ذلك من نسخة المسموح الذي تضمن ترك البواقي في أيام الخليفة الآمر بأحكام الله، ووزارة المأمون البطائحي، ورأيت بخط الأسعد بن مهذب بن زكريا بن مماتي الكاتب المصري سألت القاضي الفاضل عبد الرحيم: كم كانت عدّة العساكر في عرض ديوان الجيش لما كان سيدنا يتولى ذلك في أيام رزيك بن الصالح؟ فقال: أربعين ألف فارس ونيفا وثلاثين ألف راجل من السودان.

وقال أبو عمرو عثمان النابلسي في كتاب حسن السريرة في اتخاذ الحصن بالجزيرة:

أنّ ضرغاما لما ثار على شاور وفرّ شاور إلى السلطان نور الدين محمود بن زنكي بدمشق يستنجد به على ضرغام، ويعده بأنه يكون نائبا عنه بمصر، ويحمل إليه الخراج أنشأ لنور الدين عزما لم يكن، فجهز ألف فارس، وقدّم عليه أسد الدين شيركوه، وأمره بالتوجه فأبى وقال: لا أمضي أبدا. فإنّ هلاكي ومن معي وسوء ما سمعه السلطان معلوم من هنا، وكيف أمضي بألف فارس إلى إقليم فيه عشرة آلاف فارس ومائة سبهبد فيها عشرة آلاف مقاتل وأربعون ألف عبد، وقوم مستوطنون في أوطانهم فرأيت حرابتهم، ونحن نأتيهم من تعب السفر بهذه العدّة القليلة. قال: ثم أجابه بعد ذلك هذا أعزك الله بعد ما كانت عساكر أحمد بن طولون ما سنراه في ذكر القطائع إن شاء الله تعالى.

ثم ما كان من عساكر الأمير أبي بكر محمد بن طغج الإخشيد وهي على ما حكاه غير واحد، منهم ابن خلكان: أنها كانت أربعمائة ألف، ولما انقضت دولة الفاطميين بدخول الغز من بلاد الشام، واستولى صلاح الدين يوسف بن أيوب على مملكة مصر، تغير الحال بعض التغير لا كله.

قال القاضي الفاضل في متجدّدات سنة سبع وستين وخمسمائة في ثامن المحرّم:

<<  <  ج: ص:  >  >>