أصغرهم، وطلب اليهود زيتا لوقود الهيكل فلم يجدوا إلّا يسيرا، وزعوه على عدد ما يوقدونه من السرج في كل ليلة إلى ثمان ليال، فاتخذوا هذه الأيام عيدا وسموها أيام الحنكة، وهي كلمة مأخوذة من التنظيف، لأنهم نظفوا فيها الهيكل من أقذار أشياع ذلك الجبار، والقرّاء لا يعملون ذلك لأنهم لا يعوّلون على شيء من أمر البيت الثاني.
وشهر طبيث عدد أيامه تسعة وعشرون يوما، وفي عاشره صوم سببه أنه في ذلك اليوم كان ابتداء محاصرة بخت نصر لمدينة بيت المقدس، ومحاصرة طيطش لها أيضا في الخراب الثاني.
وشفط أيامه أبدا ثلاثون يوما وليس فيه عيد. وشهر آذر عند الربانيين كما تقدّم يكون مرّتين في كلّ سنة فآذر الأوّل عدد أيامه ثلاثون يوما إن كانت السنة كبيسة، وإن كانت بسيطة فأيامه تسعة وعشرون يوما، وليس فيه عيد عندهم. وآذر الثاني أيامه تسعة وعشرون يوما أبدا وفيه عند الربانيين صوم الفوز في اليوم الثالث عشر منه، والفوز في اليوم الرابع عشر واليوم الخامس عشر، وأما القرّاؤون فليس عندهم في السنة شهر آذر سوى مرّة واحدة، ويجعلون صوم الفور في ثالث عشرة وبعده إلى الخامس عشر، وهذا أيضا محدث، وذلك أن بخت نصر لما أجلى بني إسرائيل من بيت المقدس وخرّبه ساقهم جلاية إلى بلاد العراق، وأسكنهم في مدينة خي التي يقال لها أصبهان، فلما ملك أزد شير بن بابك ملك الفرس، وتسمية اليهود أحشوارش، كان له وزير يسمى هيمون، وكان لليهود حينئذ حبر يقال له مردوخاي، فبلغ أزدشير أن له ابنة عمّ جميلة الصورة، فتزوّجها وحظيت عنده، واستدنى مردوخاي ابن عمها وقرّبه، فحسده الوزير هيمون وعمل على هلاكه وهلاك اليهود الذين في مملكة أزدشير، ورتب مع نوّاب أزدشير في سائر أعماله أن يقتلوا كلّ يهوديّ عندهم في يوم عينه لهم، وهو الثالث عشر من آذر، فبلغ ذلك مردوخاي فأعلم ابنة عمه بما دبره الوزير وحثها على إعمال الحيلة في تخليص قومها من الهلكة، فأعلمت أزدشير بحسد الوزير لمردوخاي على قربه من الملك وإكرامه، وما كتب به إلى العمال من قتل اليهود، وما زالت به تغريه على الوزير إلى أن أمر بقتله، وقتل أهله، وكتب لليهود أمانا، فاتخذ اليهود هذا اليوم من كلّ سنة عيدا وصاموه شكرا لله تعالى، وجعلوا من بعده يومين اتخذوهما أيام فرح وسرور ولهو ومهاداة من بعضهم لبعض، وهم على ذلك إلى اليوم، وربما صوّر بعضهم في هذا اليوم صورة هيمون الوزير، وهم يسمونه هامان، فإذا صوّروه ألقوه بعد العبث به في النار حتى يحترق.
وشهر نيسن عدد أيامه ثلاثون يوما أبدا، وفيه عيد الفاسح الذي يعرف اليوم عند النصارى بالفسح، ويكون في الخامس عشر منه، وهو سبعة أيام يأكلون فيها الفطير وينظفون بيوتهم من أجل أن الله سبحانه خلص بني إسرائيل من أسر فرعون في هذه الأيام حتى