للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تاريخ القبط عند ذكر التواريخ من هذا الكتاب، فراجعه. ثم قام من بعده مكسيمانوس قيصر، فاشتدّ على النصارى وقتل منهم خلقا كثيرا، حتى كانت القتلى منهم تحمل على العجل وترمى في البحر، ثم قام بعد أرشلاوش في بطركية الإسكندرية اسكندروس تلميذ بطرس الشهيد، فأقام ثلاثا وعشرين سنة ومات في ثاني عشري برمودة، وفي بطركيته كان مجمع النصارى بمدينة نيقية، وفي أيامه كتب النصارى وغيرهم من أهل رومية إلى قسطنطين، وكان على مدينة بزنطية يحثونه على أن ينقذهم من جور مكسيمانوس، وشكوا إليه عتوّه، فأجمع على المسير لذلك، وكانت أمّه هيلاني من أهل قرى مدينة الرها «١» قد تنصرت على يد أسقف الرها، وتعلمت الكتب، فلما مرّ بقريتها قسطس صاحب شرطة دقلطيانوس رآها فأعجبته فتزوّجها وحملها إلى بزنطية، مدينته، فولدت له قسطنطين، وكان جميلا، فأنذر دقلطيانوس منجموه بأن هذا الغلام قسطنطين سيملك الروم ويبدّل دينهم، فأراد قتله، ففرّ منه إلى الرها وتعلم بها الحكمة اليونانية حتى مات دقلطيانوس، فعاد إلى بزنطية فسلمها له أبوه قسطس ومات، فقام بأمرها بعد أبيه إلى أن استدعاه أهل رومية، فأخذ يدبر في مسيره، فرأى في منامه كواكب في السماء على هيئة الصليب، وصوت من السماء يقول له احمل هذه العلامة تنتصر على عدوّك، فقص رؤياه على أعوانه وعمل شكل الصليب على أعلامه وبنوده وسار لحرب مكسيمانوس برومية، فبرز إليه وحاربه فانتصر قسطنطين عليه وملك رومية وتحوّل منها فجعل دار ملكه قسطنطينية، فكان هذا ابتداء رفع الصليب وظهوره في الناس، فاتخذه النصارى من حينئذ وعظموه حتى عبدوه، وأكرم قسطنطين النصارى ودخل في دينهم بمدينة نيقومديا في السنة الثانية عشرة من ملكه على الروم، وأمر ببناء الكنائس في جميع ممالكه وكسر الأصنام، وهدم بيوتها، وعمل المجمع بمدينة نيقية، وسببه أن الإسكندروس بطرك الإسكندرية منع آريوس من دخول الكنيسة وحرمه لمقاتلته، ونقل عن بطرس الشهيد بطرك إسكندرية أنه قال عن آريوس أنّ إيمانه فاسد، وكتب بذلك إلى جميع البطاركة، فمضى آريوس إلى الملك قسطنطين ومعه أسقفان، فاستغاثوا به وشكوا الإسكندروس فأمر بإحضاره من الإسكندرية، فحضر هو وآريوس وجمع له الأعيان من النصارى ليناظروه، فقال آريوس كان الأب إذ لم يكن الابن، ثم أحدث الابن فصار كلمة له، فهو محدث مخلوق فوّض إليه الأب كلّ شيء، فخلق الابن المسمى بالكلمة كلّ شيء من السماوات والأرض وما فيهما، فكان هو الخالق بما أعطاه الأب، ثم إن تلك الكلمة تجسدت من مريم وروح القدس فصار ذلك مسيحا، فإذا المسيح معنيان كلمة وجسد، وهما جميعا مخلوقان. فقال الإسكندروس أيما أوجب، عبادة من خلقنا أو عبادة من لم يخلقنا؟

فقال آريوس بل عبادة من خلقنا أوجب. فقال الإسكندروس: فإن كان الابن خلقنا كما وصفت وهو مخلوق فعبادته أوجب من عبادة الأب الذي ليس بمخلوق، بل تكون عبادة

<<  <  ج: ص:  >  >>