للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بطرك القدس بجمع الرهبان ورؤساء الديارات، فاجتمع له منهم عشرة آلاف نفس وحرموا نسطاس الملك، ومن يقول بقوله، فأمر نسطاس بنفي إيليا إلى مدينة إيلة، فاجتمع بطاركة الملكية وأساقفتهم وحرموا الملك نسطاس ومن يقول بقوله، وفي أيام نسطايوس الملك ألزم الحنفاء أهل حرّان وهم الصابئة بالتنصر، فتنصر كثير منهم، وقتل أكثرهم على امتناعهم من دين النصرانية، وردّ جميع من نفاه نسطاس من الملكية، فإنه كان ملكيا، وأقيم طيماتاوس في بطركية الإسكندرية، وكان يعقوبيا، فأقام ثلاث سنين ونفي، وأقيم بدله أبو ليناريوس وكان ملكيا، فجدّ في رجوع النصارى بأجمعهم إلى رأي الملكية، وبذل جهده في ذلك وألزم نصارى مصر بقبول الأمانة المحدثة. فوافقوه ووافقه رهبان ديارات بومقار بوادي هبيب، هذا ويعقوب البراذعيّ يدور في كلّ موضع ويثبت أصحابه على الأمانة التي زعم أنها مستقيمة، وأمر الملك جميع الأساقفة بعمل الميلاد في خامس عشري كانون الأوّل، وبعمل الغطاس لست تخلو من كانون الثاني، وكان كثير منهم يعمل الميلاد والغطاس في يوم واحد، وهو سادس كانون الثاني، وعلى هذا الرأي الأرمن إلى يومنا هذا، وفي هذه الأيام ظهر يوحنا النحويّ بالإسكندرية وزعم أن الأب والابن وروح القدس ثلاثة آلهة وثلاث طبائع وجوهر واحد، وظهر يوليان وزعم أن جسد المسيح نزل من السماء وأنه لطيف روحانيّ لا يقبل الآلام إلّا عند مقارفة الخطيئة، والمسيح لم يقارف خطيئته، فلذلك لم يصلب حقيقة ولم يتألم ولم يمت، وإنما ذلك كله خيال، فأمر الملك البطرك طيماتاوس أن يرجع إلى مذهب الملكية فلم يفعل، فأمر بقتله. ثم شفع فيه ونفي وأقيم بدله بولص، وكان ملكيا، فأقام سنتين فلم يرضه اليعاقبة، وقيل أنهم قتلوه وصيروا عوضه بطركا ديلوس، وكان ملكيا فأقام خمس سنين في شدّة من التعب وأرادوا قتله فهرب، وأقام في هربه خمس سنين ومات، فبلغ ملك الروم يوسطيانوس أن اليعقوبية قد غلبوا على الإسكندرية ومصر، وأنهم لا يقبلون بطاركته، فبعث أثوليناريوس أحد قوّاده وضم إليه عسكرا كبيرا إلى الإسكندرية، فلما قدمها ودخل الكنيسة نزع عنه ثياب الجند ولبس ثياب البطاركة وقدّس، فهمّ ذلك الجمع برجمه فانصرف. وجمع عسكره وأظهر أنه قد أتاه كتاب الملك ليقرأه على الناس، وضرب الجرس في الإسكندرية يوم الأحد، فاجتمع الناس إلى الكنيسة حتى لم يبق أحد، فطلع المنبر وقال: يا أهل الإسكندرية، إن تركتم مقالة اليعقوبية وإلّا أخاف أن يرسل الملك فيقتلكم ويستبيح أموالكم وحريمكم، فهموا برجمه، فأشار إلى الجند فوضعوا السيف فيهم، فقتل من الناس ما لا يحصى عدده، حتى خاض الجند في الدماء، وقيل إنّ الذي قتل يومئذ مائتا ألف إنسان، وفرّ منهم خلق إلى الديارات بوادي هبيب، وأخذ الملكية كنائس اليعاقبة، ومن يومئذ صار كرسيّ اليعقوبية في دير بومقار بوادي هبيب.

وفي أيامه ثارت السامرة على أرض فلسطين وهدموا كنائس النصارى، وأحرقوا ما فيها، وقتلوا جماعة من النصارى، فبعث الملك جيشا قتلوا من السامرة خلقا كثيرا، ووضع

<<  <  ج: ص:  >  >>