للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ملوك مصر في الدولة الإسلامية قبله.

والشبل في المخبر مثل الأسد، وابن السريّ إذا سري أسراهما. ولا غرو أن يحذو الفتى حذو والده،

بأبه اقتدى عدي في الكرم ... ومن يشابه أبه فما ظلم

إن الأصول عليها ينبت الشجر.

ثم لما ملك الأشرف برسباي «١» صارت المماليك سبع طوائف: ظاهرية وناصرية ومؤيدية ونوروزية وحكمية وططرية وأشرفية، كل طائفة منها مباينة لجميعها، فلذلك اضمحلت شوكتهم، وانكسرت حدّتهم، وأمنت على السلطان غائلتهم، ولم يخف ثورتهم لتفرّقهم، وإن كانوا مجتمعين وتباينهم وإن كانوا في الظاهر متفقين.

واعلم أنه كانت عادة الخلفاء من بني أمية وبني العباس والفاطميين من لدن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، رضي الله عنه أن تجبى أموال الخراج، ثم تفرّق من الديوان في الأمراء أو العمال والأجناد على قدر رتبهم، وبحسب مقاديرهم، وكان يقال لذلك في صدر الإسلام العطاء، وما زال الأمر على ذلك إلى أن كانت دولة العجم، فغير هذا الرسم، وفرّقت الأراضي إقطاعات على الجند، وأوّل من عرف أنه فرّق الإقطاعات على الجند نظام الملك أبو عليّ الحسن بن عليّ بن إسحاق بن العباس الطوسي وزير البرشلان بن داود بن ميكال بن سلجوق، ثم وزر ابنه ملكشاه بن البرشلان، وذلك أن مملكته اتسعت، فرأى أن يسلم إلى كل مقطع قرية أو أكثر أو أقلّ على قدر إقطاعه لأنه رأى أن في تسليم الأراضي إلى المقطعين عمارتها لاعتناء مقطعيها بأمرها بخلاف ما إذا شمل جميع أعمال المملكة ديوان واحد، فإن الخرق يتسع ويدخل الخلل في البلاد ففعل نظام الملك ذلك، وعمرت به البلاد، وكثرت الغلات، واقتدى بفعله من جاء بعده من الملوك من أعوام بضع وثمانين وأربعمائة إلى يومنا هذا، وكانت الخلفاء ترزق من بيت المال. فذكر عطاء بن السائب، في حديث: أن أبا بكر رضي الله عنه، لما استخلف فرض له كل يوم شطر شاة وما يكسى به الرأس والبطن، وذكر عن حميد بن هلال: أنه فرض له بردان إذا أخلقهما وضعهما، وأخذ مثلهما، وطهره إذا سافر ونفقته على أهله، كما كان ينفق قبل أن يستخلف.

وذكر ابن الأثير في تاريخه: أن الذي فرضوا له ستة آلاف درهم في السنة، وفرض لعمر بن الخطاب رضي الله عنه لما استخلف ما يصلحه ويصلح عياله بالمعروف، وقال له عليّ رضي الله عنه: ليس لك غيره، فقال القوم: القول ما قال عليّ يأخذ قوته، وفرض

<<  <  ج: ص:  >  >>