مائتان وعشرون مرحلة وما بين براري يأجوج ومأجوج إلى البحر المحيط في الشمال، وما بين براري السودان، والبحر المحيط في الجنوب خراب ليس فيه عمارة، ويقال: إن مسافة ذلك: خمسة آلاف فرسخ، وهذه أقوال لا دليل على صدقها.
والطريق في معرفة مساحة الأرض أنّا لو سرنا على خط نصف النهار من الجنوب إلى الشمال بقدر ميل دائرة معدّل النهار عن سمت رؤوسنا إلى الجنوب درجة من درج الفلك التي هي جزء من ثلاثمائة وستين جزءا، وارتفع القطب علينا درجة نظير تلك الدرجة فإنا نعلم أنا قد قطعنا من محيط جرم الأرض جزءا من ثلاثمائة وستين جزءا، وهو نظير ذلك الجزء من الفلك، فلو قسنا من ابتداء مسيرنا إلى انتهاء مكاننا الذي وصلنا إليه حيث ارتفع القطب علينا درجة، فإنا نجد حقيقة الدرجة الواحدة من الفلك قد قطعت من الأرض ستة وخمسين ميلا، وثلثي ميل عنها خمسة وعشرون فرسخا فإذا ضربنا حصة الدرجة الواحدة، وهو ما ذكر من الأميال في ثلاثمائة وستين خرج من الضرب عشرون ألفا، وأربعمائة ميل، وذلك مساحة دور الأرض فإذا قسمنا هذه الأميال التي هي مساحة دور الأرض على ثلاثة وسبع خرج من القسمة ستة آلاف وأربعمائة، وأربعون ميلا، وهي مساحة قطر الأرض، فلو ضربنا هذا القطر في مبلغ دور الأرض، لبلغت مساحة بسط الأرض بالتكسير مائة ألف ألف واثنين وثلاثين ألف ألف وستمائة ألف ميل بالتقريب. فعلى هذا مساحة ربع الأرض المسكون بالتكسير ثلاثة وثلاثون ألف ألف ميل ومائة وخمسون ألف ميل، وعرض المسكون من هذا الربع بقدر بعد مدار السرطان عن القطب، وهو خمسة وخمسون جزءا وسدس جزء، وهذا هو سدس الأرض وانتهاؤه إلى جزيرة تولي في برطانية، وهي آخر المعمور من الشمال، وهو من الأميال ثلاثة آلاف وسبعمائة وأربعة وستون ميلا، فإذا ضربنا هذا السدس الذي هو مساحة عرض الأرض في النصف، وهو مقدار الطول، كان المعمور من الشمال قدر نصف سدس الأرض. وأما الطول فإنه يقل لتضايق أقسام كرة الأرض، ومقداره مثل خمس الدور، وهو بالتقريب أربعة آلاف وثمانون ميلا، وفي الربع المسكون من الأرض: سبعة أبحر كبار، وفي كل بحر منها عدة جزائر، وفيه خمسة عشر بحيرة منها ملح وعذب، وفيه مائتا جبل طوال، ومائتا نهر، وأربعون نهرا طوالا، ويشتمل على سبعة أقاليم تحتوي على سبعة عشر ألف مدينة كبيرة.
وقال في كتاب هروشيوس: لما استقامت طاعة بوليس الملقب قيصر الملك في عامّة الدنيا، تخير أربعة من الفلاسفة سماهم، فأمرهم أن يأخذوا له وصف خدود الدنيا، وعدّة بحارها، وكورها أرباعا فولّى أحدهم أخذ وصف جزء المشرق، وولى آخر أخذ وصف جزء المغرب، وولى الثالث أخذ وصف جزء الشمال. وولى الرابع أخذ وصف جزء الجنوب، فتمت كتابة الجميع على أيديهم في نحو من ثلاثين سنة، فكانت جملة البحار المسماة في الدنيا تسعة وعشرين بحرا قد سمّوها: منها بجزء الشرق ثمانية، وبجزء الغرب ثمانية،