وخمسمائة ثمانية وعشرون ألف دينار وستمائة وثلاثة عشر دينارا، والمتجر عبارة عما يبتاع للديوان من بضائع تدعو إليها الحاجة ويقتضيه طلب الفائدة.
قال جامع سيرة الوزير اليازوري: وقصر النيل بمصر في سنة أربع وأربعين وأربعمائة، ولم يكن في مخازن الغلات شيء، فاشتدّت المسغبة بمصر، وكان لخلوّ المخازن سبب أوجب ذلك وهو أنّ الوزير، الناصر للدين لما أضيف إليه القضاء في أيام أبي البركات الوزير كان يبتاع للسلطان في كل سنة غلة بمائة ألف درهم، وتجعل متجرا فمثل القاضي بحضرة الخليفة المستعين بالله، وعرّفه أنّ المتجر الذي يقام بالغلة فيه أوفى مضرّة على المسلمين، وربما انحط السعر عن مشتراها فلا يمكن بيعها فتتعفن في المخازن وتتلف، وأنه يقيم متجرا لا كلفة فيه على الناس، ويفيد أضعاف فائدة الغلة، ولا يخشى عليه من تغيره في المخازن ولا انحطاط سعره وهو الخشب والصابون والحديد والرصاص والعسل وما أشبه ذلك، فأمضى السلطان له ما رآه، واستمرّ ذلك ودام الرخاء على الناس فوسعوا فيه مدّة سنين ثم عمل الملوك بعد ذلك ديوانا للمتجر وآخر من عمله الظاهر برقوق.
وأما
الشب: فإنّ معادنه بالصعيد، وكانت عادة الديوان الإنفاق، في تحصيل القنطار، منه بالليثيّ يبلغ ثلاثين درهما، وكانت العربان تحضره من معادنه إلى ساحل أخميم وسيوط والبهنسا ليحمل إلى الإسكندرية أيام النيل في الخليج ويشترى بالقنطار الليثيّ، ويباع بالقنطار الجرويّ، فيباع منه على تجار الروم قدر اثني عشر ألف قنطاريا بالجروي بسعر أربعة دنانير كل قنطار إلى ستة دنانير ويباع منه بمصر على اللبوديين والصباغين نحو الثمانين قنطارا بالجرويّ سعر ستة دنانير ونصف القنطار، ولا يقدر أحد على ابتياعه من العربان ولا غيرهم، فإن عثر على أحد أنه اشترى منه شيئا أو باعه سوى الديوان نكل به واستهلك ما وجد معه منه، وقد بطل هذا.
وأما
النطرون «١» : فيوجد في البرّ الغربيّ من أرض مصر بناحية الطرّانة، وهو أحمر وأخضر ويوجد منه بالفاقوسية شيء دون ما يوجد في الطرّانة، وهو أيضا مما خطر عليه ابن مدبر من الأشياء التي كانت مباحة، وجعله في ديوان السلطان وكان من بعده على ذلك إلى اليوم، وقد كان الرسم فيه بالديوان أن يحمل منه في كل سنة عشرة آلاف قنطار، ويعطى الضمان منها في كل سنة قدر ثلاثين قنطارا يتسلمونها من الطرّانة، فتباع في مصر بالقنطار المصري، وفي بحر الشرق والصعيد بالجرويّ، وفي دمياط بالليثي. قال القاضي الفاضل:
وباب النطرون كان مضمونا إلى آخر سنة خمس وثمانين وخمسمائة بمبلغ خمسة عشر ألفا وخمسمائة دينار، وحصل منه في سنة ست وثمانين مبلغ سبعة آلاف وثمانمائة دينار،