وهي من الحجر والرخام، وأنها قبور لملوك، وكان الملك منهم إذا مات، وضع في حوض من حجارة، ويسمى بمصر والشام: الجرون، وأطبق عليه، ثم بني من الهرم على مقدار ما يريدون من ارتفاع الأساس، ثم يحمل الحوض، ويوضع وسط الهرم، ثم يقنطر عليه البنيان، ثم يرفعون البناء على المقدار الذي يرونه، ويجعل باب الهرم تحت الهرم، ثم يحفر له طريق في الأرض، ويعقد أزج طوله تحت الأرض مائة ذراع أو أكثر، ولكل هرم من هذه الأهرام باب مدخله على ما وصفت، قال: وكان القوم يبنون الهرم من هذه الأهرام مدرجا ذا مراق كالدرج، فإذا فرغوا نحتوه من فوق إلى أسفل، فهذه كانت جبلتهم، وكانوا مع ذلك لهم قوّة وصبر وطاعة.
وقال في كتاب البنية والإشراف: والهرمان اللذان في الجانب الغربيّ من فسطاط مصر هما من عجائب بنيان العالم، كل واحد منهما أربعمائة ذراع في سمك مثل ذلك، مبنيان بالحجر العظيم على الرياح الأربع كل ركن من أركانهما يقابل ريحا منها فأعظمهما فيهما تأثيرا ريح الجنوب وهي: المريسي وأحد هذين الهرمين، قبر أعاديمون، والآخر قبر هرمس، وبينهما نحو ألف سنة وأعاديمون المتقدّم، وكان سكان مصر وهم الأقباط يعتقدون نبوّتهما قبل ظهور النصرانية فيهم على ما يوجبه رأي الصابئين في النبوّات لا على طريق الوحي، بل هم عندهم نفوس طاهرة صفت وتهذبت من أدناس هذا العالم، فاتحدت بهم موادّ علوية، فأخبروا عن الكائنات قبل كونها، وعن سرائر العالم وغير ذلك، وفي العرب:
من اليمانية من يرى أنهما قبر شدّاد بن عاد وغيره من ملوكهم السالفة الذين غلبوا على بلاد مصر في قديم الدهر، وهم العرب العارية من العماليق وغيرهم وهي عند من ذكرنا من الصابئين قبور أجساد طاهرة.
وذكر أبو زيد البلخيّ: أنه وجد مكتوبا على الأهرام بكتابتهم خط فعرّب، فإذا هو:
بني هذان الهرمان والنسر الوقع في السرطان، فحسبوا من ذلك الوقت إلى الهجرة النبوية، فإذا هو: ست وثلاثون ألف سنة شمسية مرتين، يكون اثنتين وسبعين ألف سنة شمسية.
وقال الهمداني في كتاب الإكليل: لم يوجد مما كان تحت الماء وقت الغرق من القرى، قرية فيها بقية، سوى نهاوند وجدت كما هي اليوم لم تتغير، وأهرام الصعيد من أرض مصر.
وذكر أبو محمد عبد الله بن عبد الرحيم القيسي في كتاب تحفة الألباب: أن الأهرام مربعة الجملة مثلثة الوجوه، وعددها ثمانية عشر هرما، في مقابلة مصر الفسطاط ثلاثة أهرام، أكبرها دورة ألفا ذراع في كل وجه خمسمائة ذراع، وعلوه خمسمائة ذراع، وكل حجر من حجارتهما ثلاثون ذراعا في غلظ عشرة أذرع قد أحكم إلصاقه ونحته.
ومنها عند مدينة فرعون يوسف، هرم أعظم، وأكبر دوره ثلاثة آلاف ذراع، وعلوه