ذكر أبو الحسن المسعوديّ في كتاب أخبار الزمان: أنّ الكوكة، وهي أمّة في غابر الدهر من أهل أيلة ملكوا الأرض وقسموها على ثلاثين كورة، وأربعة أقسام، كل قسم عمل، وبنوا في كل عمل، مدينة بها ملك يجلس على منبر من ذهب، وله بربا، وهي بيت الحكمة، وله هيكل على اسم كوكب فيه أصنام من ذهب، وجعلوا الإسكندرية واسمها رقودة، خمس عشرة كورة، وجعلوا فيها كبار الكهنة، ونصبوا في هياكلها من أصنام الذهب أكثر مما نصبوا في غيرها، فكان ما بها مائتا صنم من ذهب، وقسموا الصعيد ثمانين كورة على أربعة أقسام وثلاثين مدينة فيها جميع العجائب.
وذكر بطليموس في كتاب الأقاليم ووصف الجزائر والبحار والمدن: أنّ مدينة الإسكندرية لبرج الأسد ودليلها المرّيخ، وساعاتها أربع عشرة ساعة، وطولها ستون درجة ونصف درجة يكون ذلك أربع ساعات مستوية وثلث عشر ساعة.
وقال ابن وصيف شاه في ذكر أخبار مصرايم بن بيصر بن نوح، وعلمهم أيضا عمل الطلسمات، وكانت تخرج من البحر دواب تفسد زرعهم وجنانهم وبنيانهم، فعملوا لها الطلسمات، فغابت، ولم تعد وبنوا على غير البحر مدنا منها مدينة رقودة مكان الإسكندرية، وجعلوا في وسطها قبة على أساطين من نحاس مذهب، والقبة مذهبة ونصبوا فوقها، مرآة من أخلاط شتى، قطرها خمسة أشبار وارتفاع القبة مائة ذراع، فكانوا إذا قصدهم قاصد من الأمم التي حولهم، فإن كان مما يهمهم، وكان من البحر عملوا لتلك المرآة عملا، فألقت شعاعها على ذلك الشيء فأحرقته، فلم تزل إلى أن غلب البحر عليها.
ويقال: إنّ الإسكندر إنما عمل المنارة تشبيها بها، وكان عليها أيضا مرآة يرى فيها من يقصدهم من بلاد الروم، فاحتال عليهم بعض ملوكهم، ووجه إليها من أزالها، وكانت من زجاج مدبر.
قال: وذكر بعض القبط أنّ رجلا من بني الكهنة الذين قتلهم، ايساد ملك مصر سار إلى ملك كان في بلاد الإفرنجة، فذكر له كثرة كنوز مصر وعجائبها، وضمن له أن يوصله إلى ملكها وأموالها ويرفع عنه أذى طلسماتها حتى يبلغ جميع ما يريد، فلما اتصل صا بن مرقونس أخي ايساد، وهو ملك مصر يومئذ، أنّ صاحب بلاد الإفرنجة يتجهز إليه عمد إلى جبل بين البحر الملح وشرقيّ النيل، فأصعد إليه أكثر كنوزه، وبنى عليها قبابا مصفحة بالرصاص، وظهر صاحب بلاد الإفرنجة في ألف مركب، فكان لا يمرّ بشيء من أعلام مصر ومنازلها إلا هدمه، وكسر الأصنام بمعونة ذلك الكاهن، حتى أتى الإسكندرية الأولى فعاث فيها، وفيما حولها وهدم أكثر معالمها إلى أن دخل النيل من ناحية رشيد، وصعد إلى منف، وأهل النواحي يحاربونه، وهو ينهب ما مرّ به، ويقتل ما قدر عليه إلى أن طلب المدائن الداخلة لأخذ كنوزها، فوجدها ممتنعة بالطلسمات الشداد، والمياه العميقة والخنادق