البيوت، وتكبروا وطغوا، فبعث الله فيهم صالحا نبيا ورسولا، فكذبوه وسألوه، أن يخرج لهم ناقة من صخرة، فأخرجها لهم، فعقروها، فأهلكهم الله بالصيحة، فأصبحوا في ديارهم جاثمين.
وقد ذكر أنّ موسى عليه السلام، سار ببني إسرائيل بعد موت أخيه هارون إلى أرض أولاد العيص وهي التي تعرف بجبال السراة جنب بلد الشوبك، ثم مرّ فيها إلى أيلة، وتوجه بعد أيام إلى برّية باب حيث بلاد الكرك، حتى حارب تلك الأمم، وكان إلى جانب أيلة مدينة يقال لها: عصبون جليلة عظيمة.
مربوط: كورة من كور الإسكندرية، كانت لشدّة بياضها لا يكاد يبين فيها دخول الليل إلا بعد وقت، وكان الناس يمشون فيها، وفي أيديهم خرق سود خوفا على أبصارهم، ومن شدّة بياضها لبس الرهبان السواد، وكانت بلاد مربوط في نهاية العمارة والجنان المتصلة بأرض برقة، وهي اليوم من قرى الإسكندرية يزرع بها الفواكه وغيرها، وقد وقفها الملك المظفر ركن الدين بيبرس الجاشنكير، على جهات برّ بالجامع الحاكمي من القاهرة وبها جامع عمر في سنة ست وستين وستمائة، ثم استأجرها الملك المؤيد شيخ المحمودي في سنة إحدى وعشرين وثمانمائة، وجدّد عمارة بستانها، وقد خرب لترداد عرب لبدة وبرقة إليه، فاستمرّت في ديوان السلطان.
وادي هبيب: هذا الوادي بالجانب الغربيّ من أرض مصر، فيما بين مربوط والفيوم، يجلب منه الملح والنطرون عرف بهبيب بن محمد بن معقل بن الواقعة بن حزام بن عفان الغفاريّ، أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم شهد فتح مكة، وروى عنه أبو تميم الجيشانيّ، وأسلم مولى تجيب وسعيد بن عبد الرحمن الغفاريّ، وكان قد اعتزل عند فتنة عثمان رضي الله عنه بهذا الوادي، فعرف به، وكان يقول: لا يفرق بين قضاء دين رمضان، ويجمع بين الصلاتين في السفر، ويقال لهذا الوادي أيضا: وادي الملوك، ووادي النطرون، وبرّية شهاب، وبرّية الإسقيط، وميزان القلوب، وكان به مائة دير للنصارى، وبقي به سبعة ديورة، وقد ذكرت عند ذكر الأديار من هذا الكتاب، وهو واد كثير الفوائد فيه النطرون، ويتحصل منه مال كثير وفيه الملح الأندرانيّ والملح السلطانيّ، وهو على هيئة ألواح الرخام، وفيه:
الوكت والكحل الأسود، ومعمل الزجاج وفيه الماسكة، وهو طين أصفر في داخل حجر أسود يحك في الماء، ويشرب لوجع المعدة، وفيه البرديّ لعمل الحصر، وفيه عين الغراب وهو ماء في هيئة البركة وطولها نحو خمسة عشر ذراعا في عرض خمسة أذرع في مغار بالجبل لا يعلم من أين يأتي، ولا إلى أين يذهب وهو حلو رائق.
ويذكر أنه خرج منه سبعون ألف راهب، بيد كل واحد عكاز، فتلقوا عمرو بن العاص بالطرّانة مرجعه من الإسكندرية يطلبون، أمانة لهم على أنفسهم وأديارهم، فكتب لهم بذلك