ملكوا سور المدينة، فخرج شطا في ألفين من أصحابه، ولحق بالمسلمين، وقد كان قبل ذلك يحب الخير، ويميل إلى ما يسمعه من سيرة أهل الإسلام.
ولما ملك المسلمون دمياط، امتنع عليهم صاحب تنيس، فخرج شطا إلى البرلس والدميرة وأشموم طناح يستنجد، فجمع الناس لقتال أهل تنيس، وسار بهم من كان بدمياط من المسلمين، ومن قدم مددا من عند عمرو بن العاص إلى قتال أهل تنيس، فالتقى الفريقان، وأبلى شطا منهم بلاء حسنا، وقتل من أبطال تنيس اثني عشر رجلا، واستشهد في ليلة الجمعة النصف من شعبان سنة إحدى وعشرين من الهجرة، فقبر حيث هو الآن خارج دمياط، وبني على قبره، وصار الناس يجتمعون هناك في ليلة النصف من شعبان كل عام، ويغدون للحضور من القرى، وهم على ذلك إلى يومنا هذا، وكانت تعمل كسوة الكعبة بشطا.
قال الفاكهيّ: ورأيت فيها كسوة من كسا أمير المؤمنين، هارون الرشيد من قباطيّ مصر مكتوبا عليها: بسم الله بركة من الله لعبد الله هارون أمير المؤمنين، أطال الله بقاءه، مما أمر الفضل بن الربيع مولى أمير المؤمنين بصنعته في طراز شطا، كسوة الكعبة سنة إحدى وتسعين ومائة.
ومن المواضع المشهورة بدمياط: البرزخ: وهو مسجد بحيرة دمياط تسميه العامّة البرزخ، ولا أعرف مستندهم في ذلك، وشاهدت فيه عجبا، وهو أنّ به منارة كبيرة مبنية من الآجرّ إذا هزّها أحد، اهتزت، فلما صعدت أعلاها حيث يقف المؤذنون، وحرّكتها رأيت ظلها، قد تحرّك بتحريكي لها، ويوجد حول هذا المسجد، رمم أموات يشبه أن تكون ممن استشهد في وقائع الفرنج، والله يعلم وأنتم لا تعلمون.
ديبق: قرية من قرى دمياط بنسب إليها الثياب المثقلة والعمائم الشرب الملوّنة، والديبقيّ العلم المذهب، وكانت العمائم الشرب المذهبة تعمل بها، ويكون طول كل عمامة منها مائة ذراع، وفيها رقمات منسوجة بالذهب، فتبلغ العمامة من الذهب، خمسمائة دينار، سوى الحرير والغزل.
وحدثت هذه العمائم وغيرها في أيام العزيز بالله بن المعز سنة خمس وستين وثلثمائة، إلى أن مات في شعبان سنة ست وثمانين وثلثمائة.
النحريرية: قرية من الأعمال الغربية أسس حكرها الأمير شمس الدين سنقر السعدي، نقيب الجيش في أيام الناصر محمد بن قلاون، وبالغ في عمارتها، فبلغت في أيامه عشرة آلاف درهم فضة، ثم خرج عنها، فعمرت للسلطان، واتسع أمرها حتى أنشئ فيها زيادة على ثلاثين بستانا، ووصل حكرها لكثرة سكانها إلى ألف درهم فضة لكل فدّان، وصارت