للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السدير «١» إلى أن مات، فحمل إلى قرية إبراهيم عليه السلام ودفن عنده.

ويقال: إنّ نهراوش الملك آمن، وكتم إيمانه خوفا من فساد أمره، وأقام ملكا مائة وعشرين سنة.

وفي وقته عمل يوسف الفيوم، فإنّ أهل مصر كانوا وشوا به إلى الملك، وقالوا: قد كبر ونقص نفعه، فاختبره فقال له: إني وهبت هذه الناحية لابنتي، وكانت مغايض للماء، فدبرها لها، فعملها يوسف، واحتال للمياه حتى أخرجها، وقلع أو حالها وساق المنهي، وبنى اللاهون، وجعل الماء فيها مقسوما موزونا، وفرغ منها في شهور أربعة، فعجبوا من حكمته.

ويقال: إنه أول من هندس بمصر، ومات نهراوش: فخلف ابنه در مجوش وسمته أهل الأثر: دارم بن الريان، وهو الفرعون الرابع عندهم، فحالف سنة أبيه، وكان يوسف خليفته، فقبل منه بعضا وخالفه في البعض، فمات يوسف في أيامه، وله مائة وعشرون سنة، فكفن وجعل في تابوت من رخام، ودفن في الجانب الغربيّ، فأخصب ونقص الشرقيّ، فحوّل إليه، فأخصب ونقص الغربيّ، فاتفقوا على أن يجعلوه في الشرقيّ عاما وفي الغربيّ عاما، ثم حدث لهم من الرأي أن يجعلوا له حلقا وثاقا، ويشدّوا التابوت في وسط النيل، فأخصب الجانبان كلاهما.

وقال ابن عبد الحكم: فملكهم الريان بن الوليد بن دومع، وهو صاحب يوسف النبيّ صلى الله عليه وسلم، فلما رأى الملك رؤياه التي رأى، وعبره يوسف أرسل إليه الملك، فأخرجه من السجن.

قال ابن عباس رضي الله عنهما: فأتاه الرسول، فقال: ألق عنك ثياب السجن، والبس ثيابا جددا، وقم إلى الملك، فدعا له أهل السجن، وهو يومئذ ابن ثلاثين سنة، فلما أتاه رأى غلاما حدثا، فقال: أيعلم هذا رؤياي ولا تعلمها السحرة والكهنة؟ وأقعده قدّامه، وقال له: لا تخف، قال: فلما استنطقه، وسأله عظم في عينيه، وجعل إليه أمره فدفع إليه خاتمه، وولاه ما خلف بابه وألبسه طوقا من ذهب وثياب حرير، وأعطاه دابة مسرجة مزينة كدابة الملك، وضرب بالطبل بمصر: إنّ يوسف خليفة الملك.

وعن عكرمة: أن فرعون قال ليوسف: قد سلطنتك على مصر غير أني أريد أن أجعل كرسيّ أطول من كرسيك بأربع أصابع، قال يوسف: نعم وأجلسه على السرير، ودخل الملك بيته مع نسائه، وفوّض أمر مصر كلها إليه، فبسبب عبارة رؤيا الملك ملك يوسف مصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>