التي تكون في أيام القيظ سفط ونهيا، وصاعدا إلى ما يلي الفيوم، وهذه حالة تزيد في رداءة أهل المدينة يعني مصر، ولا سيما إذا هبت ريح الجنوب، فإنّ الفيوم في جنوب مدينة مصر على مسافة بعيدة من أرضها.
وقال القاضي السعيد أبو الحسن عليّ بن القاضي المؤتمن، بقية الدولة أبي عمرو عثمان بن يوسف القرشيّ المخزوميّ في كتاب المنهاج في علم الخراج: وهذه الأعمال من أحسن الأشياء تدبيرا وأوسعها أرضا وأجودها قطرا، وإنما غلب على بعضها الخراب لخلوّها من أهلها، واستيلاء الرمل على كثير من أرضها، وقد وقفت على دستور عمله أبو إسحاق إبراهيم بن جعفر بن الحسن بن إسحاق لذكر خلجان الأعمال المدثورة، وما عليها من الضياع، وقد أوردته ههنا، وإن كان منه ما قد دثر، ومنه ما تغيرت أسماؤه، ومنه ما جهلت مواضعه بالدثور، ولكن أوردته ليعلم منه حال العامر الآن، ويستقصي به من له رغبة في عمارة ما يقذر عليه من الغامر، وفي إيراده مصلحة ليعلم شرب كل موضع ونسخته.
دستور: على ما أوضحه الكشف من حال الخلج الأمّهات بمدينة الفيوم، وما لها من المواضع وشرب كل ضيعة منها، ورسمها في السدّ والفتح والتعديل والتحرير، وزمان ذلك عمل في جمادى الآخرة سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة، تبتدىء بعون الله وحسن توفيقه بذكر حال البحر الأعظم الذي منه هذه الخلج، فنذكر مادّته التي صلاحه بصلاحها.
خليج الفيوم الأعظم: يصل الماء إلى هذا الخليج من البحر الصغير المعروف بالنهي ذي الحجر اليوسفيّ، وفوقه هذا البحر عند الجبل المعروف: بكرسيّ الساحرة من أعمال الأشمونين، ومنه شرب بعض الضياع الأشمونية، والقيسية، والأهناسية وعلى جانبيه ضياع كثيرة شربها منه، وشرب كروم ما له كروم منها.
قال الحجر اليوسفيّ: والحجر اليوسفيّ جدار مبنيّ بالطوب، والجير المعروف عند المتقدّمين بالصاروج، وهو الجير والزيت، وبناؤه من جهة الشمال إلى الجنوب، ويتصل من نهايته من الجنوب بجدار بناؤه مثل بنائه على استقامة من الغرب إلى الشرق، ويحصره ميلان منه في نهايته، وطوله مائتا ذراع بذراع العمل، ويتصل بهذا الجدار على طول ثمانين ذراعا منه من جهة الغرب نهاية الجدار الأعظم من الجنوب.
وفائدة بناء الجدار الأعظم ردّ الماء إذا انتهى إلى حدود اثنتي عشرة ذراعا إلى مدينة الفيوم، وطول ما يتصل منه الجدار الذي من جهة الغرب إلى الشرق، ثم يتصل بالميل، ثم ينخفض من حدود هذا الميل إلى ميل مثله يقابله من جهة الشمال خمسون ذراعا، وبعد ما بين هذين الميلين، وهو المنخفض مائة ذراع وعشرة أذرع، ومقدار المنخفض منه، أربعة أذرع، وهذا المنخفض هو الذي يسدّ بجسر من حشيش يسمى لبشا، وعرض ما يجري عليه الماء، وهو موضع اللبش وما قابله إلى جهة الشرق، أربعون ذراعا، وعليه مسك اللبش