توارثهم هي الحقّ، وما عداها باطل، ولس في اختلافهم ما يزيل الشك بل يقوّي الجالبة له، وهذا الاختلاف بعينه بين النصارى أيضا في الإنجيل، وذلك أنّ له عند النصارى أربع نسخ مجموعة في مصحف واحد، أحدهما إنجيل متى، والثاني لمارقوس، والثالث للوقا، والرابع ليوحنا، قد ألف كل من هؤلاء الأربعة إنجيلا على حسب دعوته في بلاده، وهي مختلفة اختلافا كثيرا، حتى في صفات المسيح عليه السلام، وأيام دعوته، ووقت الصلب بزعمهم، وفي نسبه أيضا، وهذا الاختلاف لا يحتمل مثله، ومع هذا فعند كل من أصحاب مرقيون، وأصحاب ابن ديصان إنجيل يخالف بعضه هذا الأناجيل، ولأصحاب ماني إنجيل على حدة يخالف ما عليه النصارى من أوّله إلى آخره، ويزعمون أنه هو الصحيح، وما عداه باطل.
ولهم أيضا إنجيل يسمى: إنجيل السبعين ينسب إلى تلامس، والنصارى وغيرهم ينكرونه، وإذا كان الأمر من الاختلاف بين أهل الكتاب، كما قد رأيت ولم يكن للقياس والرأي مدخل في تمييز حق ذلك من باطله امتنع الوقوف على حقيقة ذلك من قبلهم، ولم يعوّل على شيء من أقوالهم فيه، وأما غير أهل الكتاب، فإنهم أيضا مختلفون في ذلك.
قال أسوش: بين خلق آدم وبين ليلة الجمعة أوّل الطوفان ألفا سنة ومائتا سنة وست وعشرون سنة وثلاثة وعشرون يوما وأربع ساعات، وقال ما شاه: واسمه منشا بن أثري منجم المنصور والمأمون في كتاب القرانات: أوّل قران وقع بين زحل والمشتري في بدء التحرّك، يعني ابتداء النسل من آدم كان على مضيّ خمسمائة وتسع سنين وشهرين وأربعة وعشرين يوما مضت من ألف المريخ، فوقع القران في برج الثور من المثلثة الأرضية على سبع درج واثنتين وأربعين دقيقة، وكان انتقال الممرّ من برج الميزان، ومثلثته الهوائية إلى برج العقرب، ومثلثته المائية بعد ذلك بألفي سنة وأربعمائة سنة واثنتي عشرة سنة وستة أشهر وستة وعشرين يوما، ووقع الطوفان في الشهر الخامس من السنة الأولى من القران الثاني من قرانات هذه المثلثة المائية، وكان بين وقت القران الأوّل الكائن في بدء التحرّك، وبين الشهر الذي كان فيه الطوفان ألفان وأربعمائة وثلاث وعشرون سنة وستة أشهر واثنا عشر يوما، قال: وفي كل سبعة آلاف سنة وسنتين وعشرة أشهر وستة أيام يرجع القران إلى موضعه من برج الثور الذي كان في بدء التحرّك، وهذا القول أعزك الله هو الذي اشتهر، حتى ظنّ كثير من الملل، أنّ مدّة بقاء الدنيا سبعة آلاف سنة فلا تغترّ به، وتنبه إلى أصله تجده أوهى من بيت العنكبوت فاطرحه.
وقيل: كان بين آدم وبين الطوفان ثلاثة آلاف وسبعمائة وخمس وثلاثون سنة، وقيل:
كانت بينهما مدّة ألفين ومائتين وست وخمسين سنة، وقيل: ألفان وثمانون سنة.
وأما تاريخ الطوفان: فإنه يتلو تاريخ الخليقة، وفيه من الاختلاف ما لا يطمع في حقيقته من أجل الاختلاف فيما بين آدم وبينه وفيما بينه وبين تاريخ الإسكندر، فإن اليهود